يعاني سكان القطاع الغربي من المملكة من قلة موارد المياه التقليدية ونقصان كمياتها لقلة كميات الأمطار الساقطة على هذا القطاع وضعف إمكانات مياهه الجوفية، ولذا حرصت حكومة المملكة على التوجه إلى البديل الأمثل وهو تحلية مياه البحر لتغطية احتياجات السكان ومقابلة كميات الطلب المتزايد على المياه العذبة. وقد صنف هذا القطاع من قبل الشركات الاستشارية التي درست أوضاع المياه في المملكة بأنه الأفقر مائياً من بين مناطق المملكة الأخرى، لوقوعه في منطقة الدرع العربي، ولقلة وجود التكوينات المائية الجوفية العميقة. وحلاً لهذا الإشكال وبعد دراسات مستفيضة توجهت الدولة إلى استعذاب مياه البحر فكانت البدايات في السبعينات الميلادية لمحطة جدة المرحلة الأولى تلتها عدة مراحل لزيادة كميات المياه المنتجة لمواجهة أعداد السكان المتزايدة. ورغم التكاليف الباهظة لإنشاء هذه المحطات، وتشغيلها، وصيانتها، واستهلاكها الكبير للطاقة، ورغم كل الجهود المبذولة لمواجهة الطلب المتزايد على المياه، يظل استهلاك جدة من المياه كبيرا حيث تستهلك يوميا ( 1.000.000 / م3 ) من المياه، أو بحساب آخر (مليار/ لتر) يوميا، ورغم هذا الرقم المهول من الاستهلاك إلا أن العجز ما زال قائماً حتى الآن. ويمكن إرجاع هذا العجز لعدة أسباب لعل من أهمها: تعطل إحدى المحطات الرئيسة وتوقفها عن العمل لأي سبب من الأسباب؛ زيادة الهدر المائي من قبل السكان ومستخدمي المياه لغياب الوعي المجتمعي وممارسة الترشيد في الاستخدام امتثالاً لأمر المصطفى عليه الصلاة والسلام حيث يقول: « لا تسرف وإن كنت على نهر جار» ؛ عدم صيانة الشبكة وتقليل الفاقد المتسرب منها لتجاوز جزء كبير منها لعمرها الافتراضي دون صيانة أو استبدال؛ تراخي شركة المياه الوطنية في إيصال الشبكة لجميع الأحياء الحديثة التي أصبحت مأهولة بأعداد كبيرة من السكان؛ تقاعس مقاولي الشركة في تنفيذ مشاريعها في الوقت المحدد لضعف إمكانات هؤلاء المقاولين؛ أضف إلى ذلك سوء جدولة توزيع المياه بين الأحياء بطريقة عادلة يتوخى فيها الدقة بحيث تكفل وصول الماء للجميع. كل ما تقدم من معوقات يقودنا إلى دعوة كبار التجار ورجال الأعمال في مدينة جدة وغيرها من مدن ومحافظات المملكة التي تعاني من شح في إمدادات المياه بأن يستثمروا أموالهم في إنشاء محطات تحلية رديفة للمحطات الرئيسة، حتى لو كانت مصغرة وذات إنتاجية محدودة ( 50.000 / م3) يوميا توزع مياهها على الأحياء التي تحتاج إلى دعم فوري للحصول على الماء دون الانتظار لساعات وربما لعدة أيام أحيانا من أجل الحصول على ( وايت ماء واحد) لسد احتياجاتهم لفترة طويلة وبأغلى الأسعار. لا مانع بأن يكون الماء المنتج من محطات التحلية الخاصة مدفوع القيمة وبأسعار رمزية ومناسبة تتواءم مع أصحاب الدخول المحدودة ومتوسطي الحال، وأن تسهم الدولة بدفع جزء من تكاليف هذه المحطات ودعمها بتوفير الطاقة اللازمة لها تشجيعاً للمستثمرين. إن من أعظم القربات عند الله هو إجراء الماء وسقيا المتلهفين، وهو من الصدقات الجارية التي لا ينقطع أثرها حتى بعد وفاة الإنسان كما ورد عن الصادق المصدوق « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له «، إذن هي دعوة صادقة بإذن الله إلى تجّارنا ورجال أعمالنا الذين يتفانون في خدمة هذه البلاد ويقدمون لها الشيء الكثير من أجل خدمة سكاّنها وتوفير ما يحتاجونه في ظل رعاية كريمة من حكام هذه البلاد. دعوة كريمة لأصحاب رؤوس الأموال استجابة لدعوة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الاستثمار في الماء حينما عرض على أصحابه الكرام شراء بئر رومة عندما قال عليه أفضل الصلاة والسلام:» من ابتاع بئر رومة غفر الله له» فابتاعها عثمان ابن عفان، فقال له رسول الله « اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك» ففعل. فمن يحذو حذو سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه ويفوز بمثلها في الجنة ويسقيه الله من الكوثر يوم العطش الأكبر يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟ mdoaan@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (37) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain