سلوكنا الاستهلاكي المبالغ به هو السمة المسيطرة علينا خلال هذا الشهر ولا تعرف سببا ومبررا اساسيا لذلك فتعظيم الشهر لا يعني أن نكون الأكثر تبذيرا وصرفا في المال والغذاء، وهذا ما نشهده خلال شهر رمضان من أول يوم لآخر يوم، ومن يريد أن يشاهد ذلك فله ان يذهب للأسواق الخاصة بالمواد الغذائية، وأن يشهد طوابير المحلات التجارية، وكأننا في حالة استنفار وحرب لا سمح الله، ماالذي جعلنا نمارس هذا السلوك، مع أن الفرضية أن رمضان يفرض سلوكا روحانيا بالاقتصاد في المأكل والمشرب؟ وأن يكون هناك وجبتان بدلا من ثلاث كباقي أيام السنة. هذا السلوك غير الجيد لا يأتي بدون تكلفة مالية كبيرة، سواء على الأسر أو الدولة التي تقدم دعماً ماليا للغذاء كالدقيق مثلا وبعض المواد الاساسية. وهذا اصبح متوارثا جيلا بعد جيل، لا يمكن فكاك هذا السلوك، بل أصبحت تنافسية بين الأسر من يستعرض بمأكلة ومشربه، ولمن يريد عليه المرور بصفحات " التويتر والأنستغرام " فكل يصور ويستعرض ما يأكل أو ماذا أعد من أكل. لست ضد الاحتفال برمضان والعيش بروحانيته والفرح واجتماع الأسر، من حق الجميع كل شيء، ولكن ماذا يتم تبعاً لذلك؟ موائد للغذاء التي تكفي 20 توضع لخمسة أشخاص، وشراء ونهم لا يتوقف، وهدر مالي واقتصادي وغذائي كبير، وضغط وطوابير وحالة استنفار يومية خاصة من بعد صلاة العصر، وكأن يومنا تم توظيفه للشراء والتسوق، اعتقد أننا يجب أن نتوقف ونعترف بسوء السلوك الشرائي لدينا، وأننا نمارس سلوكا ما أنزل الله به من سلطان، ولا قيمة له، فيكتفي "المفروض" الأسر بما تحتاج، بلا مبالغات، لا زحام، ولا تكلف، ولا ملء للموائد بعشرات الأصناف، وأن يأكل الجميع ما يريد بلا إسراف، سلوكنا في رمضان، يوضح لنا أننا لا نتعلم من أحداث الماضي ولا نرشد شيئا، بل نحن مستمرون بنفس السلوك السيىء الذي اصبح الجيمع يهمله، فلا توعية ولا ارشاد للناس نحو ذلك، وهذا دور المسجد والإعلام والمشائخ والكاتب وكل من له حضور وصوت وقلم. أتمنى نصل مرحلة التوازن بالسلوك الغذائي، والاستهلاكي بشكل عام، فأنت لست مطالبا بشيء، بقدر ما لديك وتحتاج لك ان تشتري وتستهلك، لا احد يضعك أمام تحدي المظاهر الاجتماعية وسباقا مع الزمن، أو تضطر للديون والاقتراض أو تلغي حاجات اساسية في سبيل شيء تكاملي ومكمل، فالإسراف كما يحدث في رمضان لا أجد له مبرراً إلا أن يكون سلوكاً سيئا استهلاكيا وهدرا ماليا أنت ضحيته في النهاية، فابدأ بنفسك.