شخصياً لا أعرف من أشار على الاتحاد السعودي لكرة القدم بالترشح لاستضافة بطولة أمم آسيا 2019؛ لكن أياً يكن الشخص فحسناً فعل، فهو قرار استراتيجي مثله مثل قرارات من نوعية تطبيق الاحتراف، وخصخصة الأندية، والانتخابات الكاملة لاتحاد الكرة. ما أعرفه وأتذكره جيداً أن قرار الاستضافة كان من بين جملة قرارات اتخذها الأمير نواف بن فيصل قبل استقالته من منصبه كرئيس لاتحاد الكرة بأيام معدودة، وهو أمر يحسب له؛ لأن اتخاذ هكذا قرار يحتاج إلى جسارة في الموقف، ورغبة في التنفيذ، وخطوط علاقات متشابكة داخل مؤسسات الدولة، وهو ما يستعصي على اتحاد الكرة الحالي. أهمية الاستضافة تكمن في جملة أمور منها ما هو خارجي ومنا ما هو داخلي، فخارجياً ستسهم الاستضافة في عودة الكرة السعودية إلى قلب الخارطة الدولية بعد أن بقينا لسنوات مركونين في هامشها؛ حيث لا انجازات نحققها، ولا أحداث نستضيفها، ولا قيادات تفرض وجودها، أما داخلياً فهي ستسهم في تنشيط حركة التنمية الرياضية لاسيما على صعيد بناء وتحديث المنشآت. الأهم من الرغبة في الاستضافة، هو وجود قرار حكومي معتمد بمباشرة الأمر، إذ ليس أسهل من حشر جملة أوراق في ملف وحمله إلى كوالالمبور؛ بدليل أن هناك عشر دول تشاركنا الرغبة، وهذا ما يجعل هواجسنا كبيرة في أن نكتشف بعد أيام أن ملف الاستضافة فارغ إلا من الحبر الذي كتبت به الأوراق. لا يمكن لأحد أن يلومنا على هواجسنا، أو أن يتهمنا بأننا مثبطون، لأن هكذا قرار يتجاوز إمكانات اتحاد الكرة، وصلاحيات رعاية الشباب، ولنا في ذلك تجربة لم تغادر ولن تغادر ذاكرتنا، وهي تجربة ترشيح الدكتور حافظ المدلج لرئاسة الاتحاد الآسيوي، فالرغبة كانت موجودة من رعاية الشباب والتأييد كان حاضراً من اتحاد الكرة، والحماس كان في أوجه من المدلج، أما التنفيذ فكان مخجلاً بل ومعيباً، إلى حد أن جيراننا ما زالوا يتندرون على مشروع مرشحنا التوافقي الذي غادر مضمار السباق قبل خط النهاية. في مشروع الدكتور المدلج قالوا لنا أول مرة أن قرار ترشيحه جاء بناءً على توجيهات صدرت من "جهات عليا" في الدولة، وأن كل الدعم سيكون بين يديه، ولم يسموا لنا هذه الجهات، إذ تركوا الأمر لفهمنا من باب اللبيب بالإشارة يفهم، وقد فهمنا؛ بيد أننا علمنا أن الأمر لم يكن سوى "كلام جرايد"، ولم يكن ذلك اكتشافاً منا، بل إن المرشح نفسه قال بعد أن تركوه يغرق في بحر الانتخابات أن أحداً في "الجهات العليا" لم يمد له حتى طوق نجاة. الفشل - لا سمح الله - إن حدث بعدم الفوز في استضافة كأس آسيا 2019 فسيكون أصعب وأكثر ألماً لنا كسعوديين من فشل المدلج في الانتخابات؛ رغم ما خلفه من وجع، لأن الموضوع هنا يمس دولة بحجم المملكة العربية السعودية بثقلها الاستراتيجي، ولذلك لا ينبغي التهاون والتساهل في الأمر، حتى لا يأتي اليوم الذي نقول فيه كما قلنا بعد الانتخابات الآسيوية: يا ليتنا من حجنا سالمين!.