هكذا هي المملكة دائما، كانت سباقة في التحذير من تنامي خطر الإرهاب، ومن استفحاله وتحوله إلى ظاهرة عالمية، باتت تحرق الصديق قبل العدو. ومن ثم فإنه على جميع المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية سرعة التكاتف والتصدي لـ«الإرهاب الأسود»، قبل أن يأتي على الأخضر واليابس، والفرصة لا تزال سانحة. ولم تكتف المملكة بمجرد التحذير بالقول فقط من خطورة الإرهاب والإرهابيين، بل سارعت إلى اتخاذ إجراء عملي من خلال الدعوة إلى إنشاء «المركز الدولي لمكافحة الإرهاب» قبل نحو عشر سنوات مضت، بهدف تفعيل التنسيق بين الدول لمواجهة هذه الآفة الخطيرة والمدمرة، وقد حظي هذا المقترح في حينه بتأييد عالمي واسع النطاق. وانطلاقا من ذلك، فإننا نؤكد مجددا أن الفرصة لا تزال قائمة لتفاعل المجتمع الدولي بشكل جدي مع هذه المبادرة، التي لو جرى التعاطي معها بجدية منذ طرحها للمرة الأولى لما وصل الحال إلى ما هو عليه الآن. ومنذ فترة طويلة، تشير كل الدلائل إلى أن ظاهرة الإرهاب لم تعد قضية تخص بلد بذاته ولا قاصرة على منطقة بعينها، وعلى الدول التي احتضنت الإرهاب بشكل أو بآخر، أو تلك التي لم تعتبره خطرا عليها باعتبار أنه ليس لها علاقة بهذا الأمر، أن تدرك الآن أن الخطر محدق بالجميع، وأنه لا أحد في منأى عن الاكتواء بنيرانه، بعدما أصبح ظاهرة عالمية تهدد العالم كله، وأن مواجهته ليست أمنية فقط، بل لابد أن تصحبها إجراءات سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية. إن الدور السعودي الرائد والكبير في مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تخطئه عين المراقب، وقد آن الأوان أن يبادر المجتمع الدولي إلى ترجمة مقترح المملكة إلى إجراءات عملية على أرض الواقع لمحاصرة ظاهرة الإرهاب قبل أن تستفحل بشكل يصعب السيطرة عليه. محمد فكري