×
محافظة المنطقة الشرقية

استعدادا لكوريا الشمالية .. بعثة الاخضر تصل الى ملبورن وكوزمين يركز على اللعب السريع

صورة الخبر

بعد كابوس الساعات الـ48 التي أدمت وأوقعت 18 قتيلا، وقضت على صحافيي ورسامي مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة، تتأهب باريس لاستقبال مئات الآلاف من المتظاهرين بعد ظهر اليوم، في مسيرة فريدة من نوعها ولم يسبق أن عرفتها العاصمة الفرنسية في تاريخها إطلاقا. فللمرة الأولى، يشارك قادة أوروبيون ومسؤولون وممثلون عن عشرات الدول في البادرة التي دعت إليها السلطات، بمباركة ودعم كل ألوان الطيف السياسي والديني والنقابي الفرنسية، للإعراب عن التضامن مع أسرة المجلة الساخرة، وللتأكيد على العزم الذي لا يلين على الوقوف في وجه الإرهاب. وينتظر أن تشارك المستشارة الألمانية إلى جانب رؤساء حكومات بريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وسويسرا والتشيك والدنمارك، ورئيسي المجلس والمفوضية الأوروبية، والرئيس التركي والرئيس الأوكراني، ناهيك عن أمين عام حلف شمال الأطلسي، وكذلك رؤساء مالي والغابون ونيجيريا، ووزير العدل الأميركي، ووزير الأمن الداخلي الكندي. وسيتقدم المسيرة التي تنطلق في الساعة الثانية من ساحة «لا ريبوبليكا» (الجمهورية) وإلى ساحة «لا ناسيون» (الأمة) الرئيس فرنسوا هولاند، ورئيس الحكومة مانويل فالس، وكبار المسؤولين وقادة الأحزاب. وستنظم المسيرة وسط إجراءات أمنية استثنائية، إذ قرر وزير الدفاع جان إيف لودريان توفير 500 جندي إضافي لحماية الأمن في باريس ومنطقتها. ومن جانبه، أعلن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف أن «خطة محاربة الإرهاب ستبقى في المستوى الذي وصلت إليه، لا بل إنها ستعزز». ولخصت صحيفة «ليبراسيون» بكلمة واحدة على كامل صفحتها الأولى معنى المسيرة الكبرى بـ«المقاومة». بيد أن هذا الإجماع الوطني والدولي، الذي ظهر خلال تجربة الإرهاب الأخيرة التي لم تعرف فرنسا مثيلا لها منذ خمسين عاما على الأقل، لم يمنع بروز مجموعة من التساؤلات حول مكامن الخلل في المنظومة الأمنية التي مكنت الأخوين شريف وسعيد كواشي (جزائريي الأصل) ورفيقهما أحمدي كوليبالي (مالي الأصل)، وثلاثتهم مواطنون فرنسيون، من ارتكاب أبشع ثلاث جرائم إرهابية. كذلك تدور تساؤلات حول «تقصير» الأجهزة الأمنية في ملاحقة كوليبالي الذي قتل شرطية وجرح عاملا بلديا صباح الخميس (أي بعد يوم واحد من مقتلة «شارلي إيبدو»). ذلك أن كوليبالي استطاع التخفي والإفلات من شباك الشرطة رغم التعرف على هويته، ثم ظهر اليوم التالي في المتجر اليهودي «هيبر كاشير» حيث قتل أربعة من الزبائن وأخذ مجموعة من الرهائن داخل المتجر. فضلا عن ذلك، ما زالت حياة بومدين (وهي امرأة جزائرية عمرها 26 عاما تزوجها عرفيا) متخفية رغم الإخطار الذي أصدرته أجهزة الشرطة للقبض عليها. ويظن أن بومدين لعبت دورا ما في مقتل الشرطية، لكنها لم تكن موجودة في المتجر اليهودي. كذلك تدور تساؤلات حول «إهمال أمني ما» سمح لسعيد كواشي بالتحرك بحرية والذهاب إلى اليمن بعد خروجه من السجن رغم معرفة المخابرات الداخلية بميوله المتطرفة. إزاء فداحة هذه الأعمال، لم يكن لرئيس الحكومة مانويل فالس (الذي سبق له أن شغل منصب وزير الداخلية) من مفر من الاعتراف بوجود «تقصير» في مكان ما. ولذا، فإن الاجتماع الأمني الخامس الذي ترأسه هولاند في قصر الإليزيه صباح أمس انصب على تمحيص وتحليل ما حصل وإقرار الترتيبات الأمنية الإضافية التي يتعين اتخاذها لتلافي تكرار التجربة المريرة. وقال هولاند، ليلة أول من أمس، إن القضاء على المتشددين الثلاثة «لا يعني نهاية الحرب التي يخوضها المتعصبون ضدنا». وفي السياق نفسه، قال فالس أمس «نحن في حالة حرب ضد الإرهاب وليس ضد دين ما أو ضد الإسلام. نحن نحارب من أجل الحفاظ على قيمنا». وتكشفت في الساعات الأخيرة تفاصيل إضافية عن عمليتي الاقتحام اللتين قضي بنتيجتهما على الإرهابيين الثلاثة. فرئيس الحكومة أكد أن هولاند شخصيا هو من اتخذ قرار اقتحام المطبعة التي تحصن فيها الأخوان كواشي في ضاحية قرية دامرتان أون غويل والمتجر اليهودي «حيث أحمدي كوليبالي» في وقت واحد، كما أنه تابع كل مراحل العمليتين وحتى مقتل الثلاثة وإخراج الرهائن. ففي العملية الأولى، لم يدم الاشتباك بين الأخوين وبين فرقة الكوماندوز التابعة للدرك الوطني سوى أقل من خمس دقائق. وكان سعيد وشريف كواشي هما من بادرا بإطلاق النار على الأمنيين من باب المطبعة في محاولة على ما يبدو للخروج منها والإفلات من الحصار. وقد جرح خلال تبادل النار شرطيان. أما بشأن عامل المطبعة الذي قيل عنه بداية إنه رهينة فقد ظهر أنه اختبأ في قاعة الطعام في الطابق الأول، وكان على تواصل دائم مع والده ومع الخلية الأمنية بواسطة الرسائل النصية، الأمر الذي ساعد الأجهزة الأمنية على التعرف على تفاصيل الطابق الأرضي حيث تحصن الرجلان. وبعكس ما قيل سابقا، لم يجر اتصال مباشر بين الخلية الأمنية وبين الأخوين كواشي اللذين امتنعا عن الإجابة على هاتف المطبعة. وعثرت القوة الأمنية على قاذف صاروخي وقنابل هجومية ودخانية وعلى مسدسات، إضافة لرشاشين من طراز «كلاشنيكوف». وفي المتجر اليهودي، لم تدم عملية الاقتحام سوى ثوان. واستفادت الشرطة من نص مكالمة هاتفية بين قناة «بي إف إم» التلفزيونية وأحمدي كوليبالي، إذ عقبها لم يغلق الأخير الهاتف حيث استمرت الشرطة في الاستماع لما يجري داخل المتجر طيلة الوقت. فضلا عن ذلك، اختبأ في الطابق الأرضي مجموعة من الرهائن الذين تواصلوا أيضا بالرسائل النصية مع الشرطة، الأمر الذي ساعدها على القضاء على كوليبالي في ثوان. لكن الأخير نجح في إصابة رجلي أمن قبل أن يقتل. وقالت الشرطة إن كوليبالي فخخ المداخل بـ15 إصبع ديناميت. ويظن أن كوليبالي هو من أطلق النار على شاب كان يمارس رياضة الركض في ضاحية فونتونيه أو روز القريبة من باريس، حيث إن عيار الذخيرة التي استخدمت لقتل الشرطية هو نفسه الذي استخدم في حالة الرياضي. وأبعد من التفاصيل الميدانية، ظهرت مع مرور الزمن تفاصيل إضافية عن العلاقة الوثيقة بين الأخوين كواشي وأحمدي كوليبالي خصوصا ارتباطهم بـ«القاعدة في اليمن» من جهة، وبتنظيم داعش من جهة أخرى. وبعد تبني الشيخ حارث النظاري، وهو المسؤول الشرعي في تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، ما سماه «الغزوة المباركة في باريس»، بدت أقوال سعيد كواشي أكثر صدقية، حيث كرر أكثر من مرة وآخرها في اتصال مع القناة الإخبارية «بي إف إم» ارتباطه بـ«القاعدة في اليمن». وبحسب معلومات استخبارية أميركية، فإن الأخ الأكبر شريف ذهب إلى اليمن حيث تلقى تدريبا على استخدام السلاح. أما كوليبالي، فقد أكد، في اتصال هاتفي آخر، ارتباطه بتنظيم داعش. وأمس نشرت صحيفة «لوموند» صورا لشريف كواشي وأحمدي كوليبالي مع جمال بقال تعود لعام 2010. وهذا الأخير (من أصل جزائري) أدين في فرنسا بأعمال إرهابية في التسعينات، ويعيش في منطقة كانتال (وسط البلاد) بأمر من القضاء، وهو لا يستطيع مغادرتها. كذلك نشرت الصحيفة ذاتها صورة لكوليبالي يحمل مسدسا، وأخرى لزوجته حياة بومدين حيث تظهر منتقبة. أما الصورة الأخيرة فإنها تظهر الشخص نفسه تحت راية مكتوب عليها «لا إله إلا الله». وكان الأخوان كواشي وكوليبالي، الذين يعرفون بعضهم بعضا من التسعينات، قد ارتادوا جميعا مسجدا سلفيا في باريس اسمه «مسجد طنجة»، وكانوا موجودين في السجن معا في أواسط العقد الماضي. وترتبط حياة بومدين التي تبحث الأجهزة الأمنية عنها، مع زوجة سعيد كواشي، التي هي شقيقة التلميذ رامي حميد الذي ألقي القبض عليه شرق فرنسا قبل أن تبرأ ساحته من تهمة المشاركة في مقتلة «شارلي إيبدو»، بعلاقة صداقة قوية. وبحسب معلومات أمنية، فإنهما تواصلتا بالهاتف 500 مرة العام الماضي. إزاء توافر هذه المعلومات التي تربط بشكل ما عمليات باريس بتنظيم القاعدة من جهة، وربما بـ«داعش» من جهة أخرى، ووجود تنسيق واضح كما صرح كوليبالي بين الأفراد الثلاثة، تتزايد مخاوف السلطات الأمنية الفرنسية التي تجد نفسها في مواجهة هجمة إرهابية لم تتردد صحيفة «لوموند» في عددها ليوم أمس في وصفها بـ«11 سبتمبر (أيلول) الفرنسي»، الأمر الذي يبين ضخامة التحديات. ولذا، فإن الاجتماع الأمني الذي سيضم اليوم في باريس 11 وزير داخلية أوروبيا، ووزير العدل الأميركي، سيكون فرصة لرسم استراتيجية عملية موحدة لمواجهة الإرهاب تذهب أبعد من إظهار التضامن مع فرنسا والإرادة الصلبة في مواجهة الإرهابيين.