×
محافظة المنطقة الشرقية

مهدي علي: لا نفكر ب«العنابي».. ومواجهته خارج حسابات «الدربي»

صورة الخبر

البعض يعيش حياته كوضع الرّاكب في قطار أفعواني هائل السرعة يسير على سكّة متقلّبة، تصعد تارة إلى علّو الجبال، وتهبط تارة أخرى إلى منخفض كوادٍ سحيق، وذلك لأن هؤلاء اعتادوا أن يعيشوا الحياة وهم مغرقون في خيرها وشرّها، وعسلها وعلقمها، مآتمها وأعراسها، فتنال منهم أحداثها العابرة، وتترك عليهم بصماتها غائرة واضحة. هناك فارق بين أن نعيش الحياة، وبين أن تعيشنا الحياة، فأن نعيشها لا يعني أن نغرق في أحداثها، وننغمس في أحزانها وفرحها، ولا أن نجعلها جِلْدًا نلبسه، وأنفاسًا يتبدّل شهيقها وزفيرها في صدرنا مع تقلّبات أحداثها وأحوالها المتغيّرة. فللمرء في هذه الحياة خياران: أحدهما: أن يغرق في أحداث الحياة، ويبالغ في استقبالها، وينغمس في همومها، فتنال منه كلّ مصيبة وبلوى، وتتحكّم فيه الأحزان والأفراح تقلُّبًا بين صعود وهبوط دون تحكّم من طرفه في عواطفه. والثاني: أن يَبقى شاهدًا على الأحداث، متحكِّمًا في تفاعله، يفرح دون أن تتحكّم به نشوة الفرح، ويحزن دون أن تطرقه مطارق الحزن، ينجح دون أن يأسره الحماس، ويفشل دون أن يهوّل الأمر فيدمّره، يهتم بالآخرين دون أن يكون شديد الانشغال بهم، يحب دون أن يسمح بالإيذاء والألم أن ينال منه، يختلف دون أن يصبح عدوانيًّا. إنّ الحياة متقلّبة، متغيّرة، لا تثبت على حال، ولا تستقر على حدث، فإذا أمطرت السماء، فبعد المطر سيأتي الصحو لا محالة، وإن طال الليل فبعده سيبزغ فجر يبدّد ظلامه، وإن أشرقت الشمس فالغروب مصيرها مهما طال النهار، وإن خيمّ حزن فلاشك أنه راحل مهما طال إقامته. فالحياة تتقلّب حوادثها كثيرة، متعاقبة، لا بقاء لها ولا دوام، والإيمان بالله وحسن الظن به والثقة بحكمته بفتح أبوابًا كلّما أُغلق باب. صدق الشاعر حينما قال: دع المقادير تجري في أعنّتها ولا تنامنّ إلاّ خالي البال ما بين طرفة عين وانتباهتها يغيّر اللهُ من حالٍ إلى حال فالإفراط في إغداق المشاعر حول أحداث الحياة بحلوّها ومرّها يجعل حال الإنسان -كما ذكرت- كحال راكب القطار الأفعواني ينزلق به يمينًا ويسارًا على سكة من العواطف، ويعلو ويهبط به، ولا يملك عليه سيطرة، ولا يمكنه إلاّ أن يعيش مشاعره المستثارة بكلّ قوّتها واندفاعها ممّا يجعله مهترئ الأعصاب، مستفزّ الشعور دائمًا..فالمبالغة في التعايش مع الأحداث ينقلنا إلى حالة من التضخيم لها وإعطائها أبعادًا تتوغّل في حياتنا فتغرقنا إلى أعماق يصعب معها النجاة غالبًا. والموقف الصحيح هو أن ننظر على الحوادث على أنها واقعات لا دوام لها، وزوالها لا بد قادم. دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسًا إذا حكم القضاء ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء alshaden@live.com