أكد خبـــــراء اقتصـــاديون لـ«اليوم» أن ثمة عقبات تمويلية تعترض المنشآت الصغيرة، وأبرزها: ارتفاع حجم المخاطر فيها، وعدم كفاية الضمانات للقروض البنكية، وضعف التشريعات التنظيمية للقطاع، عدم وجود تعريف واضح لتلك المنشآت وكذلك غياب المرجعية الموحدة. غياب الضمانات والحقوق وفي هذا الجانب، يرى نائب رئيس غرفة جدة المهندس مازن بترجي، أن أبرز العقبات التمويلية التي تواجه المشاريع الصغيرة، هي غياب الضمانات، فلا توجد جهة اقراضية البنوك، تريد تقديم القروض بدون وجود ضمانات كافية تضمن لها استرجاع حقوقها المادية. ويؤكد بترجي أن هناك عدة محاولات جادة من قبل المسؤولين في الجهات المعنية، في إزالة العقبات التي تواجهها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولكن ما زلنا نطالب بوجود وزارة أو جهة معنية بالمنشآت الصغيرة، فكما هناك جهة لرعاية الأنشطة الرياضية والثقافية للشباب، لا بد من توفير جهة تساعد هؤلاء الشباب في تسهيل العقبات التي تواجه مشاريعهم، منها: تسهيل عملية التمويل، وكذلك التغاضي عن بعض المتطلبات التي لا يقدر عليها سوى المشاريع العملاقة. ويقول بترجي عن السبل التي قد تساهم في زيادة الفرص التمويلية، إنه هناك برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، يقدم الدعم للمشاريع الاستثمارية والصناعية، أما المشاريع الأخرى والتي ليس لدى أصحابها ضمانات فلا تجد الدعم. وعن ماهية انعكاس المشاريع الصغيرة على اقتصاد المملكة، يقول بترجي إن المشاريع الصغيرة تمثل 95% من المنشآت في المملكة، ولها مردودها الإيجابي على الاقتصاد الوطني من حيث دورها الرائد في توفير فرص عمل جديدة، وتحقيق زيادة متنامية في حجم الاستثمار، وزيادة حجم المبيعات، بجانب دورها التنموي الفعال وتكاملها مع المنشآت الكبيرة في تحقيق التكامل بين الأنشطة الاقتصادية. أسعار الفائدة المرتفعة فيما يرى عضو لجنة شباب الأعمال محمد دحلان، أن أهم العقبات التمويلية التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة هي: صعوبة وتعقيدات اﻹجراءات للاقتراض مثل: إيجاد كفالة الضمان عند الاقتراض من البنوك، وأسعار الفائدة المرتفعة لدى بعض البنوك. ويعتقد دحلان أن المسئولين في الجهات المعنية للدولة لم يرتقوا بالخدمات التي يقدمونها، ولا تتماشى مع مستوى الزيادة في أعداد المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث يبلغ عددهم حوالي مليوني منشأة في المملكة، وبالتالي فإن الخدمات لم تتطور «منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي» بالرغم من زيادة الطلب للتمويل لهذه المنشآت، والتي تشكل العمود الفقري والمحرك لاقتصادنا الوطني. وعن سبل النهوض بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، يؤكد محمد دحلان أنها تكمن في تيسير وسهولة الحصول على التمويل اللازم؛ لتلبية احتياجات هذه المنشآت، لا سيما عند الرغبة في التوسع والانتشار؛ وأيضاً توفر الجهاز الاستشاري لتقديم المشورة لكافة أنشطة هذه المنشآت وفي مراحلها المختلفة. ويوضح دحلان: لتحقيق أهداف النهوض بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ لا بد من التنسيق بين وزارة التجارة من خلال الغرف التجارية مع رجال الأعمال في المدينة أو المحافظة. التمويل والدعم ويؤكد عضو لجنة شباب الأعمال ياسر التويم، أن الضمانات هي من أهم وأبرز العقبات التمويلية التي تواجه المنشآت الصغيرة وكذلك الجانب الشرعي في بعض أنظمة التمويل: كتمويل صندوق التنمية الصناعية، فوائدها تكون بطريقة شرعية، ويرى أن حل تلك العقبة بإيجاد الصندوق الجريء المعروف عالمياً بدعمه للمشاريع الشابة بمبالغ كبيرة، وبضمانات قليلة أو معدومة. ورفعت لجنة شباب الأعمال توصيات بذلك الصندوق؛ لما له من فوائد اقتصادية، حتى في أسوأ الحالات كخسارة المشروع. ويوضح التويم أن هناك تعاطفا ودعما من المسؤولين، وتشجيعهم لشباب الأعمال، لكن هذا الدعم لا توجد له آلية تخدم المنشآت الصغيرة، وسبب عدم وجود الآلية المناسبة هو عدم وجود جهة مسؤولة عن تلك المشاريع، وغياب التنسيق بين الجهات المعنية. وبالرغم من إقرار مجلس الشورى قبل عامين ونصف بوجود هيئة تعنى بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولكن لم يطبق هذا القرار حتى اليوم. ويضيف التويم أن من شأن هذه الهيئة التنسق بين القطاعين الخاص والحكومي، وحل مشكلة تضارب الجهات في تطبيق القرارات. يذكر أن برنامج كفالة الذي أشار إليه سابقا المهندس بترجي، ان إدارة البرنامج اعتمدت خلال الربع الأول من العام المالي 1435/1436هـ، 2014م، (652) كفالة مقــابل (488) كفالة تم اعتمادها خلال نفس الفترة من العام السابق، بمعدل نمو بلغت نسبته (34٪) ، استفاد منها (289) منشأة صغيرة ومتوسطة مقابــــل (250) منشأة خلال نفس الفترة من العام السابق، بزيادة بلغت نسبتها (16 ٪)، وبقيمة إجمالية للكفالات بلغت (311,6) مليون ريال مقابل (256,7) مليون ريال خلال نفس الفترة من العام السابق، بزيادة بلغت نسبتها (21 ٪) ، في حين بلغت قيمة التمويل المقدم من البنوك المشاركة في البرنامج (571,8) مليون ريال مقابل (448,3) مليون ريال خلال نفس الفترة من العام السابق، بزيادة بلغت نسبتها (28 ٪). وتصدر قطاع التشييد والبناء (الأعمال الإنشائية - الصيانة والتشغيل- مقاولات فرعية متخصصة) بنسبة (57٪)، يليه في الأهمية قطاع التجارة بنسبة (13٪)، ثم قطاع خدمات المال والأعمال بنسبة (11٪) ، وقطاع الصناعة بنسبة (9 ٪)، أما القطاعات الأخرى فمثلت ما نسبته (9 ٪). وتوزعت الكفالات المعتمدة خلال الربع الأول من العام المالي 1435/1436هـ، (2014م) لتشتمل أكبر عدد ممكن من المناطق الإدارية بالمملكة، وتصدرت منطقة الرياض إجمالي عدد الكفالات المعتمدة من حيث الأهمية بنسبة (53٪) ، تلتها المنطقة الشرقية بنسبة (22٪)، ومنطقة مكة المكرمة بنسبة (12 ٪)، ثم منطقة عسير بنسبة (5 ٪)، أما باقي المناطق فمثلت ما نسبته (8 ٪). وبالنسبة لجهات التمويل المشاركة مع البرنامج، فقد تصدر البنك الأهلي التجاري بنسبة (36 ٪)، ثم بنك الرياض بنسبة (22 ٪)، ثم مصرف الراجحي بنسبة (17 ٪)، والبنك السعودي الهولندي ومجموعة سامبا المالية بنسبة (5 ٪) لكلٍ منهما، أما باقي البنوك الأخرى فمثلت ما نسبته (15 ٪) من إجمالي عدد الكفالات المعتمدة. وتجدر الإشارة إلى أنه ووفق ما ذكرت بيانات مؤسسة النقد ساما، يبلغ إجمالي إقراض المؤسسات البنكية حتى سبتمبر الماضي 1.2 تريليون ريال، وأن حصة المشاريع الصغيرة تبلغ منها 10 %، وفي المقابل تستأثر المنشآت السعودية الكبيرة والعملاقة التي لا تشكل أكثر من 0.26 % بأكثر من 90 % من القروض الاقتصادية التي تمنحها البنوك في السعودية لمنشآت القطاع الخاص. وكذلك تظهر إحصائية وزارة العمل أن عدد المنشآت المتوسطة والصغيرة بلغ مليونا و778 ألف منشأة، في حين يصل عدد الكبيرة والعملاقة إلى 4633 منشأة فقط، وتشغل المنشآت الصغيرة والمتوسطة 70 % من القوى العاملة في القطاع الخاص، بينما توظف الكبيرة والعملاقة نحو 30 % من القوى العاملة.