راف فاينز ليس الممثل الذي تستطيع أن تنسى ما يقدّمه من أعمال بمجرد مرور الوقت عليها أو تبعا لكثرة مشاهداتك. فهو ممثل متعدد المواهب، يختار أدواره بعناية، ومخرج حقق للآن أربعة أفلام، وكاتب موسيقي أكثر من مرّة، وأنتج فيلمين في تاريخه السينمائي. عرفه معظمنا في دور الضابط النازي في فيلم ستيفن سبيلبرغ «قائمة شلندر» (1993)، لكن راف تجاوز ذلك الدور أكثر من مرّة لاعبا العديد من الأدوار القوية بدءا من «أيام غريبة» ومرورا بـ«المريض الإنجليزي» و«صنشاين» و«اللص الطيّب» و«الحدائقي المثابر» و«القارئ»، وصولا إلى آخر أعماله «امرأتان» و«ذا غراند بودابست هوتيل» الذي تم ترشيحه لـ«غولدن غلوب» أفضل ممثل كوميدي عنه. فيه مثّل دور صاحب الفندق القائم في منطقة جبلية أوروبية محايدة في زمن يتوسط الحربين الأولى والثانية. * اعتدنا عليك ممثلا دراميا.. هل كان من الصعب القيام بأداء دور يعتبر كوميديا؟ - عبارة «يعتبر كوميديا» صائبة، فكما يعرف من شاهد الفيلم دوري ليس كوميديا، لكن الظروف ساخرة، والفيلم كوميدي الحكاية وعالمه غير واقعي. لكن ما ساعدني هو أن السيناريو كان رائعا. كانت قراءته مثيرة للمتعة وواضحة. اكتشفت أن المخرج ويس أندرسون لديه أسلوب فريد في الكتابة. الأسئلة التي حملها السيناريو إليّ تنتمي إلى الكيفية الصحيحة التي يجب لعب شخصية غوستاف بها. هذه شخصية تستطيع أن تلعبها على أكثر من وجه وأحد هذه الوجوه كوميدي صرف. لكني سعدت بأن أندرسون أرادني أن أمثل أقل وبعيدا عن أي استعراض. * هل صحيح أنه كتب السيناريو وأنت في البال؟ - نعم، وهذه كانت مسؤولية جسيمة أخرى بقدر ما كانت سببا لتقديري. * هل وجدت النبرة الصحيحة للدور سريعا إذن؟ - ليس سريعا. لقد عمدنا إلى مداولات كثيرة، وحين بدأنا التصوير أعدنا الكثير من اللقطات. أعتقد أن ما كان في بال أندرسون أيضا هو إنجاز فيلم كوميدي كتلك التي كانت منتشرة في هوليوود في الثلاثينات. أفلام بيلي وايلدر وفرانك كابرا مثلا. * لكن بعيدا عن علاقة العمل ومنواله بينك وبين المخرج، هل تعتبر أن هذا الدور يشكل تغييرا ما على مستوى مهنتك كممثل؟ - بالتأكيد. الاختلاف بين التمثيل في الدراما والتمثيل في الكوميديا ليس شاملا. هو محدد بالمصدر الروحي الذي في داخل الدور. في الدراما أنت مؤهل لأن تحمل المزيد من المشقة في سبيل إنجاز الشخصية التي لا بد من معالجتها معالجة جادّة. التمثيل للكوميديا خفيف كما توحي الكلمة ذاتها، لكنه ليس أقل صعوبة في نواح معينة. هذه مصاعب لم تواجهني لأنه لم يكن مطلوبا مني إثارة الضحك بل التمثيل في فيلم ذي نكهة كوميدية كما أشرت. * الفارق هو تلك الرؤية التي يعالج المخرج فيلمه من خلالها.. أليس كذلك؟ - إلى حد بعيد نعم. في الأفلام الكوميدية المباشرة على الممثل أن يتقدّم بصياغته للدور وهو يعلم أن مهمته إثارة الضحك. هذا لم يكن مطلوبا مني لأن شخصية غوستاف هي شخصية مختلفة، والفيلم مكتوب على نحو مختلف تماما عن الكوميديا عما هو متداول - طبعا أنت تعرف ذلك. وكما ذكرت لم يكن مطلوبا مني أن أتصرّف على نحو كوميدي. المرح والسخرية في الفيلم كانا كافيين. * ويس أندرسون نوع من المخرجين الذين يبنون كل تفاصيل الفيلم كما يبني الواحد ديكور منزله.. - بالتأكيد وإياك أن تتدخل لتغير أي شيء في منظومته. إنه بالفعل مخرج التفاصيل وأسلوبه في العمل ينعكس على الفيلم المعروض. لا تستطيع إلا أن تجد بصمته في كل شيء. في أصغر التفاصيل. * قبل ترشيحات جوائز «غولدن غلوبس» استقبل النقاد في أميركا وبريطانيا الفيلم وتمثيلك فيه بترحاب شديد.. هل تعتقد أن هذا مؤشر إيجابي؟.. هل تعتقد أن النقد يترك انطباعا في نفوس أعضاء الجمعية أو أعضاء الأكاديمية الموزّعة للأوسكار؟ - ليس لدي هنا سوى التكهن. أعتقد نعم. الكل يقرأ هذه الأيام ومن الممكن لي أن أعتقد أن الطريقة التي يستقبل بها النقاد الفيلم، أي فيلم، تؤثر على منهجه في الأيام التالية. لقد التقينا في برلين كما أعتقد وأنت تعلم كيف استقبل جيّدا هناك أيضا. نعم يمكنني تصوّر ذلك، لكن هذا لا يعني أن كل ناقد على حق سواء أحب فيلما معيّنا أم لا. * تقرأ النقد؟ - لا أقرأ كل شيء. لقد شعرت بأن الفيلم نال قبولا نقديا شاملا، لكني أعلم أن هناك من لم يعجبه الفيلم. * أيعجبك أن تكون مرشّحا لجائزة «غولدن غلوبس»؟ - أتمزح؟.. بالطبع (يضحك) كنت أتمنى أن يتم ترشيح سواي في هذا العمل. لكن عليك أن تكون واقعيا للأسف (يضحك). * هل شاهدت أفلام الآخرين.. كانت سنة صعبة؟ - صحيح. ولا أعتقد أن المنافسة ستكون سهلة لا هنا ولا في الأوسكار. وأنا لم أعد أتحدّث عن هذا الفيلم أو عن نفسي. في العموم كانت سنة 2014 جيدة على مستوى الأفلام والمواهب التي قامت بها. * هل من بين ما قرأته من نقد ما يبدو لك بعيدا عن الصواب.. نقد تراه غير صحيح؟ - ليس من شأني التعليق على ما يكتب، لكن أعلم أن هناك من يريد من الشخصيات أن تكون أكثر وضوحا. يريدون الشخصيات أن تكون ملوّنة العواطف. مفتوحة وظاهرة. هذا ليس ما أريده. ولم يكن ما أراده المخرج أيضا. * المرحلة المقبلة تشهد قيامك بتمثيل ثلاثة أو أربعة أفلام متتابعة. لن يترك لك ذلك الوقت لكي تقدم على إخراج فيلم جديد؟ - نعم، لكن لديّ مشاريع أريد تنفيذها. ربما عام 2015 سيكون عام قيامي بالتمثيل وحده، لكن لدي مشروعين على الأقل كمخرج في العام التالي.