×
محافظة المدينة المنورة

د. الأيوبي: 145 مبتعثًا داخليًا و37 لخارج المملكة من مستشفى الملك فهد

صورة الخبر

يتجاوز الحل السياسي في سورية، شكلاً ومضموناً، مسألة رعاية روسيا مؤتمرات تضم معارضين وممثلين عن السلطة. ولا يتعلق ذلك بموقف روسيا المعادي للثورة السورية، وبأنها ليست أكثر من دولة إقليمية كبرى تحّن إلى ماض إمبراطوري فحسب، ولا يتعلق أيضاً بالحجم التمثيلي للمعارضين المدعوين إلى لقاءات موسكو. بل يرتبط، أساساً، بتعقيدات الحل السياسي الناجمة عن عمق التغييرات واتساعها التي عصفت بالنسيج الاجتماعي السوري، وبحجم التدخلات الإقليمية والدولية المتعارضة التي تراكبت مع حالة تشظي المجالين السياسي والاجتماعي، ومع فوضى الفصائل والمليشيات المسلحة. لن يولد حل سياسي من مجرد اتفاق معارضات أفلت نجومها مع شخصيات من السلطة. فالحل السياسي أصبح مساراً معقّداً، يتخطى إرادات السوريين وتطلعاتهم، ويحتاج إلى مستوى من التوافق الدولي والإقليمي غير متاح حتى الآن، وهو يحتاج، أيضاً، إلى إنضاج مقدمات في الداخل السوري تؤسس له، وتعمل على إطلاق عملية استعادة ومركزة وتوحيد للكتلة التاريخية المدنية من السوريين التي همشتها نوى الحرب ومليشياتها، سواء كان ذلك تهجيراً أو اعتقالاً أو قتلاً، لأن تلك الكتلة عماد الحل السياسي وحامله، والأهم، أنها تختزن إمكانات ثقافية وسياسية واجتماعية تجعلها منفتحة على خيارات جدية للاندماج مع المحيط الرخو للسلطة، بخاصة أن حدودها تتقارب مع حدود الوطنية السورية. لكن ذلك يتوقف على حدوث انفصال بين النواة العسكرية - الأمنية للسلطة، ذات الطبيعة المذهبية، وأغلفتها الرخوة، وكذلك على تراجع المليشيات والفصائل العسكرية ذات الطبيعة المذهبية المضادة. إن إعادة تشكيل وتفعيل هذه الكتلة التاريخية، التي تحمل الخيارات السياسية الوطنية، هو الذي يفتح الطريق للذهاب نحو بناء مؤسسة عسكرية وطنية، تتجاوز الطابع المذهبي لجيش السلطة، وتستطيع أن تخوض معارك جدية مع التنظيمات المتطرفة، وتبسط سيطرتها على امتداد الجغرافية الوطنية. فلن تتولد مؤسسة عسكرية وطنية من مجرد دمج بعض عناصر الجيش الحر المنشقة مع ما تبقى من جيش السلطة، ولا بد قبل ذلك، وبالتوازي معه، من بناء بنية سياسية وطنية، تستند إلى جسد اجتماعي متماسك وفاعل. هاتان الدعامتان لمسار الحل السياسي، إعادة تشكيل الكتلة التاريخية وبناها السياسية وبناء مؤسسة عسكرية وطنية، قاربتهما وثيقة جنيف – 1، من خلال تبنيها فكرة «هيئة حكم انتقالية» من مهماتها الإشراف على هذين التحولين الهامين. لذا يجب على السوريين عدم التفريط بهذا المكسب والركض وراء مبادرات غامضة وفضفاضة هدفها الجرجرة والمرمطة. فعلى سيرورة الحل السياسي، داخلياً، أن تتصدى للتطرف ولبنى الحرب الأهلية التي تعمقّت وصار لها مصلحة في الاستمرارية، وكذلك لواقعة خراب النسيج الاجتماعي، وظواهر الفقر والتهجير والاعتقال وتدمير المدن والبلدات وضياع الأجيال. وعليها إقليمياً أن تواجه الدور الإيراني الذي تحول إلى قوة داخلية «أنتي – سياسية»، تعتمد التفتيت وتعميق الانقسامات المذهبية، وتأسيس المليشيات المعادية على طول الخط لفكرة الدولة الوطنية، كما تواجه انعكاسات الخلاف السعودي – التركي السلبية على الوضع السوري. وعليها دولياً، أن تتعامل مع الصلف الروسي الذي يجهد لتحويل القضية السورية ورقة تفاوض مع الغرب، وتواجه عدم الاكتراث الأميركي والعالمي بحجم الكوارث السورية. هذه السيرورة للحل السياسي لم تتكامل شروط انطلاقها بعد. * كاتب سوري