ليس الملفت وأنت تتلمس أجواء المناخ العام للاختبارات ما يعيشه الطلبة في القاعات من ترقب وتركيز، ولكن الملفت هو المشاهد التي تستطيع من خلالها رصد أجواء من فاتهم قطار التعليم في السابق من الكبار. الكبار هم وجه ثان لم تنعكس عليهم عدسات وسائل الإعلام، وهم يستكملون حلمهم في تطوير بنائهم التعليمي، فهم خارج قاعة الامتحانات شيء، وداخلها طلبة كغيرهم يصرون ويحرصون على الإجابة بدقة عن الأسئلة. كرسي وطاولة وقلم وورقة إجابة، هي العناصر التي يسعون من خلالها إلى اللحاق بقطار التعليم، لم يلتفتوا لأقاويل الناس العامية "لما كبر راح يتعلم.. يا عمي فاتك القطار"، بل على العكس صاروا كمن أصغر منهم، أو من في أعمار أصغر من أبنائهم، يراجعون مع بعضهم أجوبة ما دونوه في ورقة الإجابة دون شعورهم بالخجل، بل يطير بعضهم من الفرح حينما يتأكد أن أجوبته صحيحة 100%. لم يؤمنوا بقاعدة "العلم في الصغر كالنقش على الحجر"، بل ذهب بعضهم إلى تحوير المعني بـ180 درجة كاملة، وجعلوا المثل بالنسبة لحال بعضهم "العلم في الكبر كالنقش على الحجر" أيضاً. بعضهم حين يتحدث إلى "الوطن"، كان متفائلا بمستقبله، وقد تجاوز عقده الثالث من العمر أو اقترب منه، وهو يرى أنه لا يزال لديه وقت ليرسم مستقبل حياته بالنجاح. بعض الكبار في قاعات الامتحانات تركوا الدراسة منذ عقدين أو أكثر، لظروف استثنائية مرت في حياتهم لم يحبوا البوح بها، إلا أنهم يشعرون بالمتعة، ويستذكرون ماضي والديهم وكيف كانوا يهيئون لهم أجواء الدراسة، بل بعضهم وجد في امتحاناته فرصة تقرب علاقاته الأبوية مع أبنائه.