لندن: مصطفى سري دعت المعارضة السودانية إلى مزيد من الحشود، فيما أكد أحد عناصرها أن معظم قادة التنظيمات المعارضة باتوا الآن إما تحت الإقامة الجبرية بصورة غير معلنة، أو داخل المعتقلات. واستمرت الاحتجاجات السودانية في مناطق عدة في العاصمة، في وقت فرقت فيه الشرطة السودانية مجموعة من النساء والناشطات نظمن وقفة احتجاجية أمام جهاز الأمن والمخابرات في الخرطوم يطالبن بإطلاق سراح المعتقلين الذين تم إيقافهم بسبب المظاهرات، ويقدر عددهم بأكثر من ألف معتقل، بحسب الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات المستقلة، فيما قالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» ومقرها نيويورك إن عدد قتلى الاحتجاجات وصل إلى أكثر من 200. وقال رئيس هيئة قوى الإجماع الوطني المعارضة، فاروق أبوعيسى، إن أغلب قادة المعارضة أصبحوا في المعتقلات، وإنه الآن تحت الحصار في ما يشبه الإقامة الجبرية، وحركته باتت مقيدة لدرجة بعيدة، مشددا على أهمية قيام المعارضة بتوسيع عملها وتوحيد قوى الثورة، رافضا في الوقت نفسه أي اتجاه لإجراء مصالحة مع النظام الحاكم. وعد أبو عيسى إجراء أي نوع من الحوار مع النظام هو مجرد «خذلان» للذين تم قتلهم ووصل عددهم إلى 200 قتيل خلال أسبوع واحد. وقال إن المعارضة تعمل على إسقاط النظام و«مسحه من على الأرض وتأسيس نظام ديمقراطي تعددي». وقال أبو عيسى لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات الأمنية قامت بحملة اعتقالات واسعة في الأيام الماضية وسط قيادات وكوادر قوى الإجماع الوطني التي تضم أكثر من 20 حزبا ومنظمات مجتمع مدني. وأضاف أن سكرتارية الهيئة التنفيذية وعددا من القيادات تم اعتقالهم في الأيام الماضية. وتابع «الآن أنا محاصر من قبل الأجهزة الأمنية داخل منزلي في ما يشبه الإقامة الجبرية، وباتت حركتي مقيدة بسبب هذا الحصار حول المنزل.. ولكن على الرغم من هذا الحصار المضروب فإننا نناضل لإسقاط النظام. وأشار أبو عيسى إلى أن النظام قام بحملة شرسة وسط كوادر الأحزاب والحركات الشبابية التي تحركت لإسقاط النظام. ورحب القيادي المعارض بوثيقة الجبهة الثورية لتوسيع العمل المعارض، وقال «تسلمنا قبل يومين وثيقة الجبهة الثورية للإعلان السياسي وتوسيع العمل المعارض ونحن نرحب بهذه الوثيقة وهي مهمة»، رافضا اتجاه بعض من سماهم الذين يعملون على المصالحة مع النظام الحاكم، وقال «هناك تنظيمات وإبداعات جديدة من الشباب بدأت تتشكل في خضم المعركة الفاصلة مع النظام ونعمل معها لتوسيع لتأسيس أكبر جبهة معارضة)، وأضاف «نحن نعمل مع الآخرين لإسقاط النظام ومسحه من على الأرض وتأسيس نظام على أنقاضه تعددي ثقافي وديني ونبذ استغلال الدين في السياسة وسيادة حكم القانون». وتظاهر نساء وأطفال أمس أمام مقر قيادة جهاز أمن الدولة في الخرطوم للمطالبة بالإفراج عن معتقلين أوقفوا خلال الاحتجاجات على ارتفاع أسعار المحروقات. ورفع المتظاهرون صورا للمعتقلين منها صورة داليا الروبي، الناشطة في حركة الاحتجاج. وكتب على اليافطات التي رفعها الأطفال «الحرية لأمي»، مشيرين بذلك إلى الناشطة، الأم لثلاثة أطفال. وتحدثت الحكومة عن اعتقال 700 «مجرم» منذ بدء الاحتجاجات الناجمة عن رفع الدعم عن المحروقات. لكن منظمة العفو الدولية ذكرت نقلا عن «معلومات لصحافيين وعناصر من أحزاب المعارضة وناشطين وأفراد عائلات» أن عدد المعتقلين «أكبر بكثير». وكانت الروبي، الموظفة أيضا في البنك الدولي بالسودان، اعتقلت الاثنين من قبل قوات الأمن الذين حضروا للقبض عليها في منزلها حيث صادروا أيضا كاميرا وآلة تصوير رقمية، كما ذكر زوجها عبد الرحمن المهدي. وأكد عبد الرحمن المهدي، الخميس، لوكالة الصحافة الفرنسية أنه لم يحصل بعد على معلومات في شأن زوجته ولا عن مكان اعتقالها. وأكدت الحكومة أن قوات الأمن قد اضطرت إلى التدخل الأسبوع الماضي بسبب العنف في التظاهرات التي تحولت أعمال عنف احيانا عبر شن هجمات على محطات للبنزين ومقرات لقوات الأمن. وتحدثت حصيلة رسمية عن 34 قتيلا خلال حركة الاحتجاج التي شهدت اتساعا غير مسبوق منذ وصول الرئيس عمر البشير إلى الحكم في 1989. لكن منظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقرا قالت إن قوات الأمن قتلت أكثر من 200 متظاهر أصيب عدد كبير منهم بالرصاص في الرأس والصدر. وانتقدت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة رد الفعل المتشدد للسلطات. وتراجعت كثافة المظاهرات هذا الأسبوع الذي شهد تجمعات غير عنيفة في أماكن محددة. في غضون ذلك، تشكلت مجموعات شبابية هدفها العمل على إسقاط النظام. وأطلقت مجموعة تسمى (أسود البراري) برنامجا سياسيا يبدأ برحيل النظام السوداني وينتهي بتشكيل حكومة انتقالية من الكفاءات لفترة تسعة أشهر. وحدد السودانيون الذين انتظموا في نشاط واسع ضد حكومة البشير ثلاثة ميادين للاعتصامات في الخرطوم، بحري ومنطقة الكلاكلة جنوب الخرطوم، وفي منطقة بري التي أصبحت تتظاهر بشكل يومي، حيث أطلقوا على الميدان في المنطقة التي تقع شرق مطار الخرطوم والقيادة العامة للقوات المسلحة باسم ميدان (الشهيد صلاح سنهوري). وأعلن أحد المتحدثين من الميدان أمس عن برنامج سياسي باسم «اسود البراري»، طالب فيه الرئيس السوداني عمر البشير بالرحيل ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في دارفور، جنوب كردفان، النيل الأزرق، بورتسودان، والذين قتلوا في المظاهرات الأخيرة، ودعا القوى السياسية إلى التوافق على برنامج سياسي يبدأ بإسقاط النظام وتشكيل حكومة انتقالية من الكفاءات الوطنية تكون مدتها (9) أشهر تنجز خلالها الدستور الدائم القائم على المواطنة، وإعادة تشكيل مؤسسات الدولة على نحو قومي بما فيها القوات النظامية وجهاز الأمن.