بقلم - كاس أر. سانستاين وريد هاستي: أيّ نوع من الأشخاص يرتقي بأداء مجموعة أو فريق عمل بكامله؟ بدأت أجوبة محيّرة تظهر إلى العلن. عند الكلام عن مختلف الإجراءات المرتبطة بالقدرة المعرفيّة، يظهر في مجمل الدراسات استنتاجات ذات صلة بالموضوع، مفادها بأنّ نسبة الذكاء المتوسّطة مرتبطة بالأداء المتحسّن ضمن المجموعات، على الرغم من وجود عامل قد يكون أهمّ حتّى من نسبة الذكاء. تساءل أفراد مجموعة في «مركز الذكاء الجماعي» في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» حول احتمال وجود طريقة لتقييم قدرة فريق عمل على حل سلسلة من المشاكل الفكريّة والاجتماعيّة المختلفة الأنواع. وأجروا اختبارين واسعي النِّطاق لمجموعات شملت ما بين عضوين و5 أعضاء، وعملوا على حلّ مشاكل جاءت على شكل أحجيات في مجال تحريك الأفكار، والإجابة عن أسئلة تمتحن نسبة الذكاء، وحلّ معضلات معنويّة وحتّى لعب الشطرنج. واكتشفوا أنّ ثلاثة إجراءات فرديّة اجتمعت ضمن مقياس مفيد لنسبة الذكاء الجماعي، أطلقوا عليه تسمية «العامل ‹سي›». وفي مرحلة أولى، سمح متوسّط النتائج التي حققها الأعضاء في اختبار للإدراك الاجتماعي بتوقّع أداء أعلى لفرق العمل. وفي سياق «اختبار قراءة الأفكار في العيون»، طُلب من المشاركين النظر إلى مجموعة صور تُظهر عيني أحد الأشخاص ليس إلا، وطُلِب منهم الحكم على الانفعال الذي تعكسه العينان الظاهرتان في الصورة (على سبيل المثال لعوب، مغتاظ، يشعر بالملل). وتمثّل عامل ثانٍ بتفاوت مستويات المشاركة، أو ميل بعض الأعضاء إلى السيطرة على النقاش. وتبيّن أنّه كلّما سيطرت قلّة من الأعضاء على النقاش، ساء أداء فريق العمل. وأخيراً، كلّما زاد عدد النساء، تحسّن الأداء، مع الإشارة إلى أنّ بحثاً آخر يدعم هذا الاستنتاج. وسمحت الإجراءات الثلاثة مجتمعة بتوقّع أداء فريق العمل أكثر من أدوات قياس الذكاء التقليديّة، ولم يكن متوسط نسبة الذكاء ونسبة الذكاء الأعلى شديدي الارتباط بأداء فريق العمل بالشكل الكبير الذي اتّسم به العامل ‹سي›. ويجب أن نحرص على عدم إطلاق استنتاجات تشتمل على المبالغة. وقد لوحظ أنّ النساء سجّلن دوماً أداء أفضل من الرجال في عدد من اختبارات الإدراك الاجتماعي والحكم الاجتماعي، وقد يكون الإدراك الاجتماعيّ، أكثر من نوع الجنس، مسؤولاً عن هذه الاستنتاجات. ويبدو أنّ الأهم هو قدرة الأعضاء، كل واحد على حدة، على التعاون مع بعضهم البعض وعلى جعل أدائهم منسّقاً. من الواضح أنّه عند إنشاء مجموعات عمل، يجب إيلاء اهتمام للقدرات الاجتماعيّة، بما يشمل القدرة على المشاركة والاستماع على حدّ سواء. ويُعدُّ تفضيل قويّ للعمل ضمن مجموعات، ولا سيّما متى كان الأمر مرتبطاً بالمهارات الاجتماعيّة، خير أداة لتوقّع مشاركة ناجحة شأنه شأن القدرة على قراءة الوضع العاطفي لأشخاص آخرين. (كاس أر. سانستاين هو أستاذ جامعي فخري برتبة روبرت والمسلي في كلية الحقوق التابعة لـ»جامعة «هارفارد». وقد شارك في تأليف كتاب «أكثر حكمة: تخطّي التفكير الجماعي لجعل المجموعات أكثر ذكاءً» [«هارفارد بيزنس ريفيو برس»، 2015].)