×
محافظة المنطقة الشرقية

متى نقتنع بأننا نعيش مستوى اقتصادياً جديداً ؟

صورة الخبر

تحيط حكام المواجهة الكبيرة منذ إعلان تكليفهم رسميا هالة من التعليقات والضغوطات الجماهيرية، ليس على صدر صفحات الإعلام المكتوب أو عبر شاشات الإعلام المرئي بل حتى في تفاصيل حياتهم اليومية. وحيث إن الحكم الدولي عبدالرحمن العمري واحد من أكثر الحكام إثارة للجدل في الآونة الأخيرة، وأكثرهم إدارة للمباريات في الموسمين الأخيرين، حرصت عكاظ الأسبوعية أن ترافقه في يومه الأخير قبل مواجهة الديربي التي تنطلق اليوم وتعلق فيها الآمال على إخراجها بشكل يليق بها، فإلى محصلة هذه الجولة: يستهل العمري يومه عادة من المدرسة، إذ يعمل معلما التربية البدنية، ويقوم حاليا بعمله في مدرسة مالك بن عوف الابتدائية بالطائف، ورغم أننا باغتناه بين طلابه كان متجاوبا معنا بصفتنا من الإعلام السعودي البعيد عن الإثارة المصطنعة كما يقول. وبدا المشهد أكثر سخونة، إذ كان طلابه لا يملون من طرح الأسئلة عليه عن المواجهة لكنه يجيبهم بأن العدالة فوق كل شيء، وأن الرياضة يجب أن تجمع ولا تفرق أيا كانت المنافسة. وبينما انصرف إلى عمله كان حديثنا مع مدير المدرسة معيوض العصيمي الذي تمنى أن يكون هذا اللقاء رسالة للجميع بأن الرياضة تجمع ولا تفرق. أما العمري فأجاب عن تساؤلنا عن قدرته على التوفيق بين عمله معلما ودورها في التحكيم، فقال وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله رجل رياضي ويسعى لتوفير كافة سبل الراحة للرياضين من حكام وغيرهم، أما بشأن تعاملي مع الطلاب فقد كنت في البداية في مرحلة ثانوية قبل الشارة الدولية أواجه أسئلة كثيرة من تساؤلاتهم ومطالبهم، وردة فعلهم قبل وبعد المباريات وخاصة المهمة منها وغالبيتها تكون عن الحالات التحكيمية المؤثرة، وكنت أرد على الجميع وهذا ما يجب أن يكون من ناحية تربوية مع كافة الطلاب، لكني بعدها رأيت من الأفضل أن أنتقل لمرحلة ابتدائية كون الأسئلة أقل في الشأن الرياضي وإن كانت موجودة حتى مع طلاب المرحلة الابتدائية.. أما المعلمون والإداريون في المدرسة فقد وجدت منهم كل تعاون ولله الحمد، والنقاش يكون في جو ودي وخارج أسوار المدرسة.. سألته بعد ذلك عن متابعته لوسائل الإعلام والبرامج الرياضية قبل مبارياته المهمة، فقال كنت سابقا أتابع وسائل الإعلام المقروءة، لكن في الفترة الحالية أصبحت مقلا جدا، فما يكتب هو مكرر لما كتب سابقا، وأصبح الإعلام مكشوفا، حتى أصبحنا نعرف ما سيكتب، وميول كل صحفي حتى.. أما البرامج الرياضية لا أتابعها كثيرا، ونحترم وجهات نظر محللي الحالات التحكيمية، لكن الاتحاد الدولي يقيم الحكم من تحكيمه داخل الملعب، وليس من الكاميرات، وخلف شاشات التلفزيون.. أما عن وسائل التواصل الاجتماعية فقال إنه بعيد عنها، ولا يملك أي حساب، وحتى لو كان يملك حسابا فهو ممنوع من التغريدات. قبل أن نقوم بجولة على الفصول والطلاب سألته عن أبرز المواقف التي تصادفه مع الجمهور في الشارع، أجاب قائلا أصبحت أحرص على أن لا أتسوق، أو أقضي مشاوري بمفردي، وأن تكون معي العائلة ومع ذلك لا أسلم من المضايقات، فأذكر مرة - والحديث له - قابلني مجموعة شباب في السوق، واستوقفوني أنا وعائلتي، وقالوا وزوجتي بجانبي نحن نحترم عائلتك كثيرا، ولا نود مضايقتك لكنك في تلك المباراة فعلت كذا وكذا، وقلنا هذا الكلام برفقة زوجتك حتى تعرف ما تقدمه أنت داخل الملعب. أما آخرون في سن المراهقة يتلفظون بألفاظ بذيئة، من أجل هذا أحرص أن لا أكون بمفردي حتى أسلم من تلك المضايقات إلى جانب المعجبين طبعا، الذي يحرصون حتى وأنا مع عائلتي على التقاط الصور معي وغيرها من المواقف التي دائما ما تحصل وأنا خارج المنزل، واعترف العمري أن التحكيم قيد حرياته بشكل كبير، بينما يرى الوضع آمنا في المدرسة أكثر من خارجها. جولة في الفصول بعدها قمنا بجولة على فصول الصفوف العليا للمرحلة الابتدائية وفي المجمل 90 % من الطلاب يعرفون موعد المباراة ويعرفون أن أستاذهم عبدالرحمن العمري هو من سيحكمها، وفي كل فصل طلاب يشجعون الفريق الأهلاوي وآخرون الفريق الاتحادي.. فماذا كانت طلباتهم من أستاذهم الحكم الدولي. يقول الطالب سعيد الغامدي أتمنى أن لا ينحاز للأهلي وأن يمنح الاتحاد ركلة جزاء إذا استحق ذلك، فيما قال الطالب أسامة القرشي أتمنى أن يمنح برونو سيزار فاولا وأن يطبق القانون كما يجب. بينما قال الطالب معاذ الزهراني أكثر ما أخاف منه التسللات غير الصحيحة على الفريق الأهلاوي والتي حرمته كثيرا من الأهداف. واتفق كل من الطلاب نائف الغامدي وعمر الحارثي وعبدالرحمن الحارثي وعبدالرحمن الأسمري على أن دوره الخروج بالمواجهة إلى بر الأمان. ووقف الحكم عبدالرحمن العمري مبتسما ووجه كلمة لطلابه قال فيها إن الكورة فوز وخسارة، وعلينا أن نتقبل ذلك، وينتهي التنافس مع صافرة الحكم وعلى الفريق أن يجتهد بعيدا عن الحكام ولكل مجتهد نصيب.. وأضاف العمري قائلا تربية النشء تبدأ من المدرسة، لغرس الروح الرياضية فيهم، ونبذ التعصب، والتنافس الشريف، وما إلى ذلك من أخلاقيات الرياضة التي يجب غرسها في الطلاب من المدرسة والتي ينطلق منها كل شيء، مضيفا أن وجود ملعب في المدرسة يتعلم فيه الطلاب الأخلاق والروح الرياضية، لا يقل أهمية عن وجود فصل في المدرسة.. رأي زملاء المهنة خلال جولتنا التقينا بعدد من المعلمين في غرفة وكيل المدرسة محمد الحمياني الذي قال إنه أهلاوي لكنه استبعد أن يكون لهم كمعلمين أي تأثير على الحكم عبدالرحمن العمري، لدرجة أن لا يوجد أي أحاديث رياضية تسبق مباريات من تلك النوع. يقول الاتحاديان منصور السليماني معلم التربية البدنية الآخر في المدرسة، ورياض القثامي أحد معلمي الصفوف الابتدائية بعد أي مباراة للاتحاد يحكمها العمري نسأله عن بعض الحالات التي نرى أن تقديرها خاطئ، ولكن بعد أن يوضح لنا الحالة التحكيمية بالقانون نكون مقتنعين بذلك وبأنه داخل الملعب يرى ما لا ترصده الكاميرات أحيانا، ويوافقهما في الرأي الأهلاويان عبدالله رداد وعبدالله الغامدي اللذان قالا إن ميولهما أبدا لا تؤثر في علاقتهما مع حكم المباراة، أما المعلم شادي الزهراني الذي يشجع فريق الهلال وقف موقف الحياد وقال أنا مستمتع بهذا التنافس بين قطبي الغربية.. عمل اللجنة بعد ذلك سألناه عن رأيه في إعلان لجنة التحكيم اسم الحكم قبل 4 أو 5 أيام من المباراة وتأثير ذلك على الحكم، فقال ذلك أمر إيجابي، ويخفف من الضغط على الحكم، حيث إن كل الأحاديث والتحليلات والنقد تكون في أول يومين، وبعدها يخف الإعلام في الحديث عن حكم المباراة.. وعن تكليفه لهذه المباراة واستعداده لها قال: لم أتفاجأ بتكليفي لها، وقد حكمت الموسم الماضي ديربي الأهلي والاتحاد.. فأنا حكم دولي، ومستعد لتحكيم أي مباراة، وأفرح بتحكيم هذه المباريات، ودائما ما أخرج راضيا عن نفسي ولله الحمد، وسأجتهد بإذن الله لأثبت كفاءة الحكم السعودي، ولجنة التحكيم السعودية برئاسة عمر المهنا، مؤكدا أن الحكم السعودي ولجنة التحكيم لا تستحق كل هذا الضغط الإعلامي والجماهير من بعد 5 جولات فقط، حيث إن ما حصل أخطاء لا تستحق كل هذا، وبعضها لم تكن أخطاء، ولكن الإعلام صورها كذلك.. وعن رأيه في كل هذا الهجوم على لجنة التحكيم والحكم السعودي قال: هناك أهداف واضحة تستهدف لجنة التحكيم، وأهداف تستهدف عمر المهنا شخصيا، وأضاف للأمانة فعمر المهنا هو رجل المرحلة الحالية، فلا أتوقع غيره يستطيع تحمل كل هذا الضغط، ولكنه يتعامل مع الجميع بروح الرجل المسؤول الأمين المخلص في عمله، وهذه شهادة حق لابد أن تقال في عمر المهنا.. وأثناء حديثنا مع الحكم الدولي عبدالرحمن العمري الذي سيحكم مباراة ديربي الغربية اليوم الجمعة بين الأهلي والاتحاد رن جواله المحمول، وبعد انتهاء المكالمة سألته: المتعارف عليه أنكم تغلقون جوالاتكم قبل المباريات الهامة والحساسة، أو أن لديكم أكثر من جوال.. فرد قائلا: كنت في السابق كذلك، ولكني أرى أني تعديت هذه المرحلة، وأعيش بشكل طبيعي سواء هناك مباريات أو لا، مشيرا إلى أنه يرد على كل الاتصالات التي ترده، وتكون معروفة، أما الأرقام الغريبة فلا يرد عليها، وهذا ديدن الكثيرين وليس لأني حكم فقط.. وعن تلقيه اتصالات من رؤساء أندية أو شخصيات اعتبارية قبل المباريات الهامة والنهائية خاصة، قال لا يوجد شيء من هذا القبيل ولم يحدث مثل ذلك، وأنا هنا أتحدث عن نفسي فقط.. وحول الألفاظ العنصرية التي شغلت الرأي الرياضي مؤخرا، والهتافات العنصرية من المدرجات قال الحكم عبدالرحمن العمري: أنا لم أسمع شيئا، حيث كنت أحكم مباراة أخرى، ولكن في حال سمعتها من المدرجات في مباراة لا تصل أني أوقف المباراة، بل أسجل ذلك في التقرير، حيث إن المباراة لا توقف إلا إذا كانت هناك خطورة على اللاعبين. حياته الخاصة سألناه عن حياته الشخصية والاجتماعية، فقال العمري لدي ولدان وابنتان أكبرهم (علي) في المرحلة الثانوية ثم (محمد) في الصف الرابع، و(لمار) في الصف الثاني ابتدائي، و(راما) لم تدخل المدرسة بعد، وجميعهم متابعون جيدون للرياضة ومن ضمنهم زوجتي، بحكم عملي في الساحة الرياضية كحكم، وأتعامل معهم جميعا بديموقراطية من حيث ميولهم الرياضي، فالمنزل هناك أكثر من 3 فرق رياضية تشجع وكل شخص له ميوله الخاص.. وعن ما يفعله بعد كل مباراة يحكمها.. قال: أنا غالبا أعيد متابعة كل مباراة أحكمها، لأطور نفسي، ودائما ما أكون راضيا كل الرضا عن جل قراراتي ولله الحمد.. وعن مستقبله التحكيمي قال: دوليا هذا آخر موسم لي في التحكيم، وسأستمر في التحكيم لأني مؤمن أني مازلت قادرا، وأشار إلى أنه في حال اعتزاله التحكيم سيبقى في هذا المجال كمقيم حكام.. وعن توجه بعض الحكام كمستشارين للتحكيم في الأندية قال: الفكرة جيدة، ولكني أرفضها تماما على المستوى الشخصي.. وعن ما يعانونه كحكام سعوديين، ومستقبل التحكيم السعودي قال: أولا يجب من الجميع أن يقف معنا، ويساندنا فنحن أبناء البلد.. وأما معاناتنا فهي في التنقلات بين المدن، وهذا ليس بسر أو جديد، حيث إننا نحصل على أمر إركاب، والباقي نحن نتحمل مسؤوليته، وأحيانا لا نجد رحلات جوية، ونسافر برا، إلى جانب المكافآت التي لا تتجاوز 1500 ريال، وتتفاوت حسب درجة الحكم أيا كانت المباراة التي يحكمها.. أما مستقبل التحكيم السعودي يقول العمري يبشر بالخير ولله الحمد، فهناك حكام سعوديون شباب قادمون وبقوة، ولكنهم مثلما قلت يحتاجون للدعم من كافة الجهات.. وحول آخر استعداداته يوم المباراة قال أصلي الجمعة وأرتاح قليلا ثم أتهيأ للسفر إلى ملعب الشرائع بمكة حيث المباراة، وفي بعض المرات يرافقني أصدقائي في السيارة وأحيانا أسافر وحدي.