×
محافظة المدينة المنورة

عام / جامعة طيبة تطلق جائزتها لتشجيع التميز في التدريس الجامعي

صورة الخبر

"تمضي آلية تقويم الأستاذ الجامعي في كثير من الجامعات على استحياء وبتردد شديد وبتأثير محدود، يكاد يكون معدومًا، خصوصًا بالنسبة للأستاذ الجامعي السعودي، ويجد الكثير من مسؤولي الجامعات صعوبة وحرجًا بالغين في تطبيق آليات التقويم تلك وتطبيق نتائجها، كما يغادرنا العديد من الأساتذة المتعاقدين في نهاية كل سنة دراسية ويقدُم سواهم، وللتقويم وآلياته دور في ذلك كما حدث في بعض الجامعات مؤخرًا، أما الأستاذ السعودي فهو باق حتى يحكم الله في أمره، أو أن يختار طائعًا أن ينتقل إلى قطاع آخر غير العمل الأكاديمي، لأن ذلك القطاع أعلى دخلًا وراتبًا وحسب، بل إن نسبة لا يُستهان بها ممّن يُفضِّلون البقاء في المؤسسات الأكاديمية يقبعون في الظل، فلا تطوير لقدراتهم الأكاديمية ولا إنجازات بحثية، وقد بقوا لأنهم ممّن آمن بأهمية (الأمان الوظيفي) كما يحلو للبعض أن يسمي كُمُونَهم ذاك!! لذلك فمن الصعب تقويم دور الأكاديمي السعودي علميًا وإحصائيًا على مستوى الجامعات، ما تقدَّم كان خلاصة لأحاديث تداولها بعض المهتمين بقضايا التعليم العالي، وذلك كرد فعل على تساؤل طرح عن كيفية الاستفادة من مبتعثينا في الخارج عندما يعودون من الابتعاث، فكان الردّ كيف يمكن أن نستفيد منهم وهناك الكثير ممَّن يقفون عقبة حيال استقطابهم؟،.. واكتمل الحديث بما أوردته أعلاه. لاشك أن تصوير حال بعض الأكاديميين السعوديين بالوصف أعلاه، يُمثِّل واقعًا صادمًا، ويدفع إلى التفكير بجدية إلى إيجاد حلول له، ولو من خارج أعراف المنظومة الأكاديمية، وغير المعمول به والمعهود لدى مؤسساتنا الأكاديمية، ولاشك أن التفكير من خارج الصندوق سيلقى الكثير من المعارضة الشديدة من بعض المستفيدين من الوضع الحالي.. ولكن المعيار لذلك هو أمران في رأيي الشخصي: أولًا: هل تم تجربة هذه الحلول من خارج الصندوق في أماكن أخرى؟ وهل أثبتت نجاحها في تحقيق الأهداف منها؟ والأهم هل تطور الوضع الأكاديمي إلى الأفضل أداءً وإنتاجية؟ ثانيًا: هل ندعو إلى حلول من خارج الصندوق، وخلاف المألوف بصورة عشوائية، وبدون وجود ضوابط دقيقة تحقق المصلحة العليا ولا يقع منها أو بها حيف على شخص أو مجموعة؟ ولعلي قبل الحديث عن الفكرة وهي "التعامل مع جميع الأكاديميين وكوادرهم المساندة من فنيين وإداريين بنظام التعاقد"، أوضح بعضًا من مزايا وخصائص نظام التعاقد مع كافة الأكاديميين السعوديين والكوادر المساندة: 1- اختيار الأصلح والأفضل من الأكاديميين والكوادر المساندة بناءً على معايير دقيقة وواضحة، تخضع لأنظمة الجودة والمتابعة الدقيقة واللصيقة. 2- تحديد مهام مُفصَّلة (وصف وظيفي) لكل "متعاقد"، مع تحديد نسب لكل من هذه المهام، فمثلًا البعض يتم التعاقد معه للتدريس فقط، والبعض للبحث العلمي فقط، وبعضهم يؤدي أدوارًا متعددة بنسب تناسبه هو شخصيًا، وقد لا تصلح لسواه، حينها يمكن للجامعات أن تتعاقد مع أعداد غير محدودة من الأساتذة لمهام أكاديمية محددة، من أهمها في نظري البحث العلمي، حيث إن كثيرًا من الأكاديميين السعوديين لا يهتمون بالبحث العلمي إلا بما يعينهم على الحصول على الترقية ثم يتوقفون بعد ذلك. 3- حين يعتمد نظام التعاقد، فسيتضمن تحديد الرواتب والمكافآت بناءً على الدور الذي سيقوم به المتعاقد، مع أهمية تحديد حدّ أدنى فقط لذلك، أما السقف الأعلى فيكون مربوطًا بأداء كل شخص. 4- سيمنح نظام التعاقد الفرصة كاملة لكل المبتعثين من التقدم لأي جامعة، إذا كان مستوفيًا للشروط والمعايير التي يجب أن تكون مُعلَنَة في مواقع الجامعات الإلكترونية، ويتم المفاضلة بناءً على مؤهلات وقدرات المتقدم وحاجة الجامعات، أجزم أن الكثير منهم سيتم الاستفادة منهم بهذا النظام وسيكون إحلالهم مكان غير السعوديين بوتيرة أسرع بكثير. هذا غيضٌ من فيض من مزايا وخصائص نظام التعاقد للأكاديميين السعوديين، وهناك الكثير من الفوائد التي لا تخفى على كل ذي لب!. لقد تم تجريب هذا النظام في كل بلاد العالم المتقدمة، وأثبت جدارته وبلا شك فإن البحث العلمي هناك قد استفاد بقوة من نظام التعاقد.. يبقى لكل جامعة بعض من التفاصيل الصغيرة التي تناسب أوضاعها، التي قد لا تناسب جامعة أخرى، أما السائد في العموم فيتركز في النقاط التالية: * التعاقد بنظام التجربة قبل الدخول في عقد طويل الأجل، وللحقيقة فالتجربة تفيد كلا الطرفين (الجامعة والشخص المراد التعاقد معه)، ويسمى هناك Tenure-track appointments، ومن خصائصه أن يتم التعاقد أولا لمدة سنتين ثم سنة، ولا تمتد سنوات التعاقد في مجموعها لأكثر من خمس سنوات، وبعد ذلك، إما أن يتم التعاقد معه بنظام الآجال الطويلة، أو تنتهي العلاقة معه بنهاية الخمس سنوات من بداية التعاقد معه. * ثم يتبع ذلك التعاقد طويل الأجل Tenured appointment ، الذي يسمح للمتميز من المتعاقدين مع الجامعة البقاء لفترة أطول، قد لا تنتهي إلا بتقاعده عن العمل الأكاديمي. * في النظام كذلك، العمل بنظام التفرُّغ الكلي والتفرُّغ الجزئي، ويتم تعيين المتعاقدين بناءً على درجاتهم العلمية السابقة وإنجازاتهم وشهاداتهم التي حصلوا عليها. * يكاد نظام التعاقد أن يشبه نظام "التشغيل الذاتي"، وقد تم تجريبه محليًا، وحين طُبّق بصورة صحيحة كان ناجحًا. أود أن أؤكد أن الكثير من الأكاديميين السعوديين لن يرتاح لهذا الطرح، بل قد يهاجمونه ويظهرون من عيوبه الكثير، ولاشك أن لكل نظام عيوبًا، لكن هذا النظام في نظري سيُحرِّك المياه الراكدة في الجامعات، ويبعث فيها روح العمل والإنجاز والتنافس، حيث إن القاعدة حينها هي "البقاء للأصلح". وأختم أن السماح للجامعات في وضع آلياتها للتعاقد، سيمنحها الكثير من "الحرية والاستقلالية الأكاديمية"، التي تُمثِّل هاجسًا للبعض ممن يكتب عنه ويعمل على تفعيله، وبالله التوفيق. taam_tm@yahoo.com