كمية كبيرة من الإحباط، بثها الروماني أولاريو كوزمين مدرب منتخبنا المؤقت، في حديثه للزميل نايف الثقيل البارحة الأولى عبر "في المرمى"، وشخصيا لم أتوقع منه أن يذهب إلى ما ذهب إليه، من شكاوى وتذمر خلفا الكثير من الإحباط لدى بعض من استمع إليه. أعرف أن كوزمين رجل حار، كما نقول بالعامية، لا يستطيع أن يطبق فكيه على بعضهما عندما يرى ما لا يعجبه، وحدث ذلك كثيرا، وانزلق بفعل لسانه في متاهات كثيرة في كل مكان عمل فيه، ولذلك يفترض ألا يغيب ذلك عن كل من يستمع إلى أحاديث كوزمين. ولكن..! .. المشهد برمته، بين إلغاء التعاقد مع لوبيز، والاستعانة بأولاريو، لا يوجد عنوان مناسب له أكثر من "حالة طوارئ"، كل ما حدث حالة طارئة عاجلة، من الطبيعي أنها ستفتقد لبعض الترتيبات المطلوبة، وقبل أن يقبل الروماني الشجاع بالمهمة يعرف أنه سيسير على طريق ليس مفروشا بالورود، فلماذا التذمر؟ كوزمين قبل بالمهمة بحماسة شديدة، وقال لمقربين منه: إنها فرصة كبيرة مع السعوديين بالذات لإصلاح ما في النفوس بيني وبينهم. وعندما اتصل به مسؤول إماراتي رفيع يطلب منه القيام بالمهمة، قبل أيضا مباشرة، ردا لكريم أفعال هذا الرجل معه، ورأى ابن بوخارست أنها فرصة لا تتكرر لإظهار محبته للطرفين السعودي والإماراتي، وهو يرى هذا التقارب الكبير بين البلدين في شتى المجالات في السنوات الأخيرة. بعد أن جلس كوزمين مع السعوديين وقرأ المشهد من الداخل، انطفأت حماسته، وفكر في الاعتذار بل أقدم عليه، لولا أن الرسالة وصلت إليه بوضوح من الجانب الإماراتي: "الرجل الذي سمح لك بالمهمة لا يعود في كلمة قالها.. قضي الأمر". هنا غادر كوزمين إلى الرياض على مضض، يقدم خطوة ويؤخر أخرى، حتى ظهر في حديثه المحبط البارحة الأولى. أتفهم ما يشعر به أولاريو، ولو كنت مكانه ربما فعلت ما فعل، ولكن عليه أن يعرف جيدا أنه اتخذ القرار بلا ضغوط، وقبل بالمهمة، وعليه أن يقبل بها بكل تفاصيلها السلبية والإيجابية وأن يكف عن التذمر ويشمر عن ساعديه للعمل والعمل فقط. في الجهة الأخرى، أقترح على مسؤولي الكرة السعودية، من أكبر رأس فيها وحتى الأصغر أن يقفوا مع كوزمين ويشحنوه بالطاقات الإيجابية، عليهم أن يجلسوا معه، ويعززوا فيه الثقة ويقولون له بوضوح: نعتذر عن كل المنغصات التي حدثت، ونعتذر عن وضعك في هذه المآزق، ولكن وحوش آسيا أمامنا وجمهور لا يرحم خلفنا، وليس لنا إلا أن نمضي للأمام. كوزمين رجل تحد كبير، يمر حاليا بحالة من التثاؤب في طاقته، خلفتها الأحداث القريبة الماضية، ويحتاج إلى رجل يشعره بأنه قائد حقيقي لا مؤقت، يشعره بأن النقص الذي حدث في برنامج الإعداد كان نتاج تراكمات سابقة، وأن هذه المعوقات يجب ألا تثبط العزائم، وأن التغلب على المعوقات جزء من الإبداع. نقلا عن الإقتصادية