هناك كثير من الطلاب لا يشعرون بأي درجة من القلق حتى وهم على أعتاب الاختبارات النهائية، قد يكون ذلك مفهوما إذا كان ناتجا عن فرط الثقة بالاستعداد المبكر، والاهتمام بتحصيل المعلومات المطلوبة، لكن سيصيبنا الذهول عندما نعلم أن قطاعات كبيرة من هؤلاء الطلاب - وهم من عديمي الشعور بالقلق - ليس لديهم أي استعداد لمواجهة الاختبار، ولا يبذلون أدني جهد يساعدهم في اجتياز الامتحان بنجاح، ويبدو أن القلق تحول في الغالب إلى الأبوين، فهما اللذان يتحملان الهم الحقيقي للاختبارات في هذه الأيام، ويرتفع لديهما مستوى القلق بسبب ضعف اهتمام الأبناء بالاختبارات، وعدم تركيزهم على المذاكرة، والاستعداد الجيد للاختبارات، فكأن الأسرة تقلق بالنيابة عن أبنائها. إن أولادنا بحاجة إلى الشعور بشيء من القلق لدفعهم وتحفيزهم نحو الأداء الجيد، وهو ما يطلق عليه «القلق الإيجابي» أو «القلق الحميد» الذي يزود الطالب بروح الاهتمام اللازم للمذاكرة واجتياز الاختبارات بكل حماس وثقة. وهنالك قانون سيكولوجي وضعه العالمان بركس ودادسون ينص على: (أن القلق الطبيعي يرفع مستوى التركيز والأداء، ولكن إذا زاد مستوى القلق أكثر أعطى نتائج عكسية وسلبية). لذلك لكي نجعل هذا القلق إيجابيا على ألا نسمح له بالتضخم إلى الدرجة التي تتسبب في تشتت الانتباه، والإصابة ببعض الاضطرابات الفسيولوجية ومن أبرزها الصداع والإحساس بالغثيان مما يؤثر على أدائه للاختبار. ولضبط مستوى القلق علينا ان نعمل في عدة محاور: المحور الأول الأسرة: إن دور الأسرة يكون من خلال توفير الجو المناسب والمريح في المنزل للأبناء، والاهتمام في التغذية الجيدة للأبناء،، وعدم نزع الثقة من نفس الطالب وذلك من خلال العبارات الجارحة، أنت فاشل...أنت ضائع.. ونحوه من عبارات التثبيط و محفزات القلق الزائد. الأبحاث الواسعة أكّدت بعد إجراء الاختبارات أنّ الدعم الاجتماعي هو عنصر أساسي في تقليل الضغط والقلق. وأن التواصل الاجتماعي والتشجيع والتحفيز داخل الأسرة يعطي الراحة والتحفيز والتشجيع لأولادنا. المحور الثاني: دور الطالب توثيق علاقته بالله تعالى والتوكل عليه، قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} (الطلاق:2- 3، والصلاة عامل أساسي لوقاية الإنسان من القلق الزائد، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}} (153) سورة البقرة. وكان "صلى الله عليه وسلم"، إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. وقال لبلال رضي الله عنه «أرحنا بها يا بلال». وكان إذا أكربه أمر قال: «يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث». إن الإيمان والعمل الصالح هو العلاج الناجع من القلق والاكتئاب كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (277) سورة البقرة. وثمة نصائح يسديها اليك علماء النفس تقول لك: استبعد الأفكار السلبية مثل: "لا فائدة" "لا أمل" واستبدلها بأفكار إيجابية، مثل: "حسبي الله ونعم الوكيل" و"سوف أعمل كل ما بوسعي".. وهذا يجعلك تشعر بالقوة. لا تنظر إلى الامتحان كأنه تهديد يكشف فشلك، بل انظر إليه على أنه فرصة تُبرز فيها جهدك. -حاول استرجاع المنهج بشكل سريع، في نقاط أساسية، وتحرَّ بعض الموضوعات التي يجب التركيز عليها ليلة الامتحان مع عدم إجهاد الجسم والعقل أكثر من طاقته. المحور الثالث: المعلم وهو دور فعال لجعل الطالب يتجاوز الاختبار بدون قلق ويكون ذلك من خلال اتباع المعلم للتوجيهات والإرشادات، التي وضعتها المدارس والجامعات للقضاء على فوبيا الخوف عند الطلاب، والبشاشة والدعاء لهم سيكون أجمل من التجهم والتوعد. المحور الرابع: الرفقة الصالحة: وهذه تلعب دورا رائعا في التخفيف من الشعور بالقلق لما يلقاه الزميل من زملائه من مساندة وتعاون واهتمامات مشتركة. أما الرفقة الفاسدة فهي التي تقضي على روح الاهتمام لدى أفرادها وتكرس الجهد في اللهو والضياع. وننصح طلابنا باجتناب الأقراص المهدئة إلا تحت إشراف الطبيب في الحالات التي تستدعي ذلك، وأفضل من استعمال المهدئات القيام بعملية استرخاء وهي عبارة عن تمرينات تشبه التدريبات الرياضية البدنية وذلك بالاستلقاء على الظهر وإغماض العينين في مكان مريح ثم يبدأ بتنفس عميق، ثم إرخاء مجموعة صغيرة من العضلات من الجسم (تبدأ من أصابع اليد) ويكون أثناء ذلك مركزا انتباهه على فكرة معينة متفائلة بالنجاح. باختصار اجعل من القلق طاقة خضراء تجعل تحضيراتك فعّالة وفي وقتها. والله يوفقك... أستاذ مشارك بجامعة الدمام