×
محافظة المنطقة الشرقية

الإتحاد يوقع رسمياً مع أفضل لاعب روماني

صورة الخبر

الآن.. وقد فاز الباجي قائد السبسي، برئاسة تونس، وخسر المنصف المرزوقي في السباق نحو قصر قرطاج، أصبح على الذين راقبوا السباق، من أوله، أن يسألوا أنفسهم السؤال التالي: كيف يحصل حزب المؤتمر الذي يرأسه المنصف، على مقعدين اثنين، من 217 مقعدا، في انتخابات البرلمان التي سبقت الرئاسة بشهر تقريبا، ثم كيف يحصل المنصف نفسه، على 44 من أصوات الناخبين في معركة الرئاسة.. كيف؟! إن هذه الفجوة الواسعة، بين نصيب الرجل، من ثقة الناخب التونسي، في المرتين، لا بد أن وراءها شيئا كبيرا من نوع ما.. لا بد.. فما هو هذا الشيء بالضبط؟ حقيقة الأمر، أن الأصوات في المرة الأولى، هي مجمل أصواته، وأصوات حزبه، وفقط، وفي المرة الثانية فإنها أصوات حركة «النهضة» الإسلامية.. هكذا بشكل عام.. أما التفاصيل ففيها قطعا ما يفيد، كما أن فيها درسا للمنصف.. ولراشد الغنوشي معا، إذا كان كلاهما على استعداد لأن يخرج من المعركة بالدرس الواجب، وإذا كان لكليهما أن يعي معنى ما جرى، ثم ما يتعين أن يتصرف بموجبه كلاهما، فيما بعد ما جرى! فالمنصف، قبل أن يصبح رئيسا، لم يكن هو أبدا، بعد أن صار رئيسا في القصر.. وربما يكون هو أكثر الذين خسروا بين الساسة التونسيين في مرحلة ما بعد ثورة 14 يناير، لسبب لا يفهمه أحد، إلى هذه اللحظة، كيف لم يلتفت هو إليه قبل غيره!.. ففي كل مرة، كان الرئيس يخاطب الشعب التونسي، من القصر، فإنه كان يخطئ في حق شعبه مرة، ويتجاوز مرات، لدرجة أنه في واحدة من تلك المرات، قال ما أثار استياء أبناء تونس، دون أن يقصد بالطبع.. لولا أن المواطن في حالة كهذه، لا ينظر فيما إذا كان الرئيس يقصد، أو لا يقصد، وإنما كل ما يهمه، كمواطن، أن الإساءة وقعت، من جانب الرئيس في حقه وأنها تظل أشبه ما تكون بالرصاصة التي تنطلق في الهواء.. إذ لا مجال لردها إلى مكانها، مهما كان! في تلك المرة، كنت في تونس، وكان ذلك في مايو (أيار) الماضي، وقرأت كتابات في الصحافة التونسية، تنصح الرئيس بأن يسكت عن الكلام، قدر الإمكان، أو أن يغادر القصر!.. ولا بد أن نصيحة كهذه، حين تقال لرئيس الدولة علنا، فإن معناها المفهوم، أن المرة التي أخطأ فيها هو، لم تكن الأولى، ولا حتى الثانية! تلك واحدة.. والثانية أن المنصف، لسبب لا يستطيع المرء أن يستوعبه إلى اللحظة الحالية، كان طوال وجوده في قصر قرطاج، نهضويا أكثر من حركة النهضة ذاتها، وكان إذا تعلق الأمر بموقف عام للحركة يبدو ملكيا أكثر من الملك، وكان يزايد عليها هي نفسها، وكان يتبنى مواقف لها، لم يكن أبدا في حاجة إلى تبنيها، لأنه لم يكن، أولا، مطلوبا منه أن يتبناها، ولأنه، ثانيا، كان يخسر في الشارع بسببها، ودون أي مبرر معقول! وعندما رأت حركة النهضة، أنه لا ضرورة لإقصاء رموز عهد الرئيس زين العابدين بن علي، بقانون، وأن الناخب وحده قادر على إقصاء السيئ منهم، عند أي استحقاق انتخابي، فإن المنصف راح يتشدد في هذه النقطة تحديدا ويطلب الإقصاء بالثلاثة، بغير أن ينتبه إلى أن هذا ينال من شعبيته القديمة في الشارع التونسي، ولا يضيف إليها!.. وعندما سقط «الإخوان» في القاهرة، راح هو أيضا، يتعاطف معهم، بل ومع عنفهم ضد المصريين، بأكثر مما كانت «النهضة» تفعل، أو تقول، ولا يزال كلامه في مواقف كثيرة، في هذا الاتجاه، يثير حيرة الغالبية من المصريين! لهذا كله، خسر الرجل، وكان في مقدوره أن يكسب، وأن يتصرف كمثقف يساري كبير، لا يجوز أن يكون مع «الإخوان» أو مع الذين يشبهون «الإخوان»، في مربع واحد! أما «النهضة»، فلقد خسرت هي الأخرى، ولم تكن خسارتها فقط في أنها ظنت أن الناخب سوف يأتي بها إلى الحكم، في انتخابات البرلمان، فخذلها، وإنما لأنها لم تكن صادقة مع هذا الناخب، وكانت تخاطبه في الإعلام بالشيء، وتفعل على الأرض عكسه، وكانت تقول على سبيل المثال، إنها لن تؤيد مرشحا بعينه في سباق الرئاسة، ثم يصدر فيها تعميم داخلي بالتصويت لصالح المنصف، فيرتفع ناخبوه إلى ثلث الأصوات تقريبا في جولة الرئاسة الأولى، ثم إلى 44 في المائة في جولتها الثانية، بينما حجمه الطبيعي، سياسيا، هو مجرد مقعدين لا ثالث لهما في سباق البرلمان! في المقابل، كان الباجي قايد السبسي، قائد حركة نداء تونس، على النقيض، من حيث الصدق مع الناخب، ومن حيث عدم إخفاء شيء عنه، ولذلك، كسب هو، وأخفق المنصف والغنوشي!