كنت أحسب أن التاجر لا ينام عن حقه مهما قلّ. ومن باب أولى إذا كثر! وكنت أحسب أن مفردة (القطاع الخاص) أو (المؤسسة التجارية) إنما هي تاجر كبير يضم عدداً من التجار. ومن باب أولى فإن الشركة المساهمة تمثل ألوف التجار كما ملايين المستثمرين من ذوي القدرات المالية المختلفة. لكن هذه الظنون بدأت بالنسبة لي تدخل في باب الشكوك متجاوزة ما كنت أحسبه يقيناً. أما السبب فهو سكوت شركة الاتصالات المعروفة (موبايلي) على مستحقات لها لدى شقيقتها (زين)، بلغت 2200 مليون ريال. مبلغ مهول ومتزايد، والدائن صامت والمدين مسرور. كيف يحدث هذا؟ ولماذا يحدث هذا؟ وهل يجوز للمسؤولين في موبايلي السكوت عن مستحقات الشركة التي هي ملك لمئات الألوف من المستثمرين في أسهمها؟ هل هذه الديون بلغت من السرية المطلقة بحيث لا يعلم عنها إلا كبار مسؤولي الشركتين فقط؟ ما هو دور هيئة الاتصالات بصفتها الجهة المشرّعة والمخولة بالحديث إلى الطرفين إن سبق لها العلم ببوادر هذه الأزمة! أما إذا كانت مغيبة تماماً، فتلك كارثة أخرى لا بد لمعالي الوزير الجديد من التنبه لها واستدراكها ومعرفة أسباب غياب هذه الحقائق عنها. هو صمت ليس بالجميل لأن حقوق المستثمرين أولى بالرعاية والصون! نعم للتاجر بصفته الفردية الحق في إمهال من يشاء لأي زمن يشاء. أما الشركات المملوكة لعامة الناس، فلا يجوز الصمت على حقوقها. وما آل إليه النزاع الحالي بين الشركتين لهو مثال على تفريط يفضي إلى نزاع، وإلى سكوت يؤدي إلى صياح. السؤال الآخر: ما هو دور هيئة السوق المالية هنا؟ هل من واجبها التدخل حفاظاً على مصالح المستثمرين؟ أم أنها تقف موقف المتفرج حتى يقع الفأس في الرأس، وتتعقّد القضية ويتحرك المحامون وينشغل القضاء، ثم تتفضل الهيئة المصونة فتوقف تداول سهم هذه الشركة أو تلك؟ لماذا لا يكون التدخل وقائياً من الأصل؟ أم تراها المجاملة وافتراض أن الأزمة إلى حل، ولا حل على ما يبدو إلا عبر مشوار قضائي طويل، لا يدفع ثمنه إلا المستثمر البسيط الذي سيشاهد عواقب هذا النزاع منعكسة على أداء أسهم الشركتين، وربما على أرباحهما. salem_sahab@hotmail.com