من الآراء المتناقلة المتداولة عن المرأة ما يأتي بصيغة تكريس سلبي النتائج لما هو مرغوب فيه وإن لم يكن صحيحاً، فنسمع من يؤكد مبتهجاً أن المرأة مخلوق ضعيف و»قوتها في ضعفها».. مقولة ببغائية هشة تماماً لكنها متداولة ومتقبلة من فئة من الجنسين. ويكرر هذه المقولة كثيرون كمن يتلمظ بأن لذة السلطة في يد الرجل هي شعوره بخضوع المرأة واعتمادها على رحمته في حسن المعاملة.. متناسين دور التنشئة وتأطير دور الفرد في إطار محدد مسبقاً وهو في النهاية يحدد شخصية الفرد رجلاً كان أو امرأة. ثم فكروا معي: أي تناقض تتسم به هذه المقولة؟ الحقيقة أن المرأة مثل الرجل قد تكون قوية أو ضعيفة حسب ما أنشئت عليه في طفولتها واعتادت تقبله كتعبير عن المفترض المقبول. والحقيقة التي نتغاضى عنها، فتمر مرور الكرام أو كفعل شاذ ومرفوض، أن المرأة القوية الشخصية تجد صعوبة كبيرة في تقبل دور الضعف والخنوع. أما من يرون جاذبيتها في ضعفها فهم أيضاً من لا يرون قوتها إلا في جاذبيتها كأنثى وليس كإِنسان خارج الجنسانية؛ وهم يرون قوتها في «ضعفها» لأنهم يقرنون الضعف بالأنوثة. والقوة بقوة الجاذبية الجنسية. ما هي إذن الحقائق البيولوجية قبل تلاعب الأعراف بالحقائق؟ في البدء تولد المولودة الأنثى بالضبط كما يولد المولود الذكر. بل هي تولد اقدر على البقاء من أخيها الذكر.. وتكبر الطفلة محققة خطوات نموها قبل مجايليها الذكور بسنوات، وتفتح وعيها مستعدة للقيام بكل ما هي كفؤة لتحقيق النجاح فيه. ثم ننحت رؤيتها ونغيرها عبر الأعراف المبنية على نظرة مجتمعية أبوية متوارثة ترى الذكر أفضل من الأنثى، وترسم لها إطار أنوثة يتلخص في تسليم قرارات حياتها المصيرية إلى الآخرين القائمين على حمايتها من ضعفها «الطبيعي» المفترض في تناقض مع حقائق البيولوجيا البشرية. والنتيجة أن تتقبل معظم النساء نفسها هذه الأعراف، ويكتمل إعادة صياغة تعريف المرأة وإعادة صياغة تعريف مفهوم الأنوثة باختزالها في النعومة والرقة والخضوع والضعف. وينسى الجميع أن نظرة مدققة في عالم الطبيعة تثبت أن الأنثى هي الأقوى والأشرس في الدفاع عن الصغار والحمى. لقد أسأنا فهم معنى القوامة حين ربطناها بتفاصيل الجنس والجسد وليس بالهدف الأصلي منه أن يقوم الأكفأ برعاية الأضعف أو الأقل قدرة على حماية مصالحه. اليوم بعض النساء أقدر وأكفأ لتولي القوامة والقيام بمسؤولية الأسرة من بعض الرجال. لكنهم ما زالوا يصرون أن يخفوا قدراتها ويسموها «أخت الرجال».