غياب كلمة المملكة عن اجتماعات الأمم المتحدة هذا العام، لأول مرة، يعد تعبيرا بليغا عن خيبة أملها واستيائها من مستوى حضور الأمم المتحدة وتأثيرها في القضايا الدولية والإقليمية التي تهم الدول والشعوب. وهذا الموقف الذي عبر عنه امتناع المملكة من إلقاء كلمتها يمثل رأيا وشعورا عاما ساد بين غالبية الدول والمعلقين السياسيين ووسائل الإعلام التي تتابع نشاط المنظمة في العقود الأخيرة، حين بدت متراجعة عن مسؤوليتها تاركة دورها، اختيارا أو اضطرارا، لدول مجلس الأمن الخمس لتدير النظام العالمي من خلال تفاهمات ثنائية أو تحالفات جزئية حتى تشكل واقعا يمكن أن يطلق عليه «أمم متحدة موازية». والمملكة دولة مؤسسة في المنظمة الدولية وداعم رئيسي لكل برامج مؤسساتها وهيئاتها، ولا تتردد في تقديم العون لكل ما يقوي دورها انسجاما مع القناعة التي انبثقت عنها المنظمة القائلة بأن وجود مظلة دولية قوية ينضوي تحتها الجميع هي المكان الطبيعي الذي تعالج من خلاله كل الاختلافات الدولية مهما كانت تعقيداتها، وأن تراجع دورها يهدد استقرار الدول والمجتمعات للخطر. والدول والشعوب العربية اختبرت قدرة الأمم المتحدة في القضية المركزية فلسطين، وها هي تعيش مأساة الشعب السوري الذي يواجه القتل والتشريد منذ أكثر من عامين دون أن تتمكن الأمم المتحدة من تقديم ما يخلصه من واقعه المؤلم. وإذا كان المجتمع الدولي جادا في تفعيل دور منظمة الأمم المتحدة وإعطائها وسائل معالجة القضايا الملحة، عليه أن يعيد النظر في واقعها الحالي ليتسع نظامها لمواجهة الخلافات الدولية بما يعطيها الكلمة الأخيرة. عكاظ