هدى باشديلة كثر الجدل وتناثرت الأقوال وكثر اللغط حول الفتوى «الغامديّة»، فضجت مواقع التواصل الاجتماعي ما بين رافض ومؤيد لها، ومن يراقب عن كثب هذا الجدال ويكتفي بالتعجب والاستغراب من ردة الفعل التي علت فوق كلّ الأصوات ولم يسمع صوتاً أو نقاشاً سوى حول وعن هذه الفتوى. فما أجمل الاختلاف الذي يصب في نهاية المطاف في بوتقة الائتلاف، وما أروع أن نسمع صوتاً يتحدث غير صوتنا، فقد تعبنا من سماع صوت الصدى الذي يحيط بنا. وكم هو جميل منظر الأزهار المتعددة الألوان وهي مجموعة في مزهريّة واحدة ومربوطة بشريط من الساتان اللامع فهو يأسر العين بجماله أكثر من باقة من لون واحد مجتمعة. لنختلف يا أمّة لنختلف ونصبح باقة جميلة تفوح منها أزكى الروائح، ولنتقبل الآخر مثلما هو بمحاسنه وعلاته، ولنوجه طاقاتنا لانسجام الأمة وعلوها، ولنحاول أن نجتث المبدأ إن لم تكن معي فأنت ضدي، فكلنا في سفينة واحدة شراعها لا إله إلا الله محمّد رسول الله. فالاختلاف سنة الله في هذا الكون ولابد أن ننسجم مع هذه السنة ونوظفها لصالح حياتنا، ونسمع كلّ شيء وما راق لنا أخذناه، وما مجته النفس احترمناه. فهذه الضجة الكبيرة التي أهدرت طاقة الشعب بكلّ طوائفه يا حبذا لو وظفت برفع حملة قويّة صارمة على غطاء الوجه أمام الزوج وتمسك بعض النساء إلى يومنا الحالي بهذه العادة، فنجد الواحدة ترفض رفضاً قاطعاً أن يرى وجهها الزوج بناء على عادات قبليّة وسلوكيات تربت عليها الفتاة. فكم سمعنا من نساء طلبت الطلاق من زوجها لمجرد أنّه حاول عبثاً كشف وجهها وهي نائمة، وكم سمعنا من زوجات عرضن على أزواجهن فكرة الزواج من أخرى تبيح كشف وجهها أمام زوجها ولا تتمسك بمثل هذا الموروث. فيا عقلاء البلد لنجتمع سويَّاً ونحرر عقول هؤلاء النساء من مثل هذه المعتقدات التي أصبحت بالية، فقبل أن نبيح كشف المرأة لوجهها أمام الرجال، ويضج المجتمع بكلّ هذه الضجة فلْنُبِحْ أن ترمي المرأة برقعها وتبيح كشف وجهها أمام زوجها ونحرر هذه المسكينة من أمر أصبح محرماً في عرفها وتقاليدها.