استطيع أن أقول إن الاتفاق بدأ يستعيد مكانته التاريخية، لا سيما في ظل المصالحة والمصارحة التي اتفق عليها جميع الاتفاقيين، وبدأ الاتفاق يحاور نبضه من جديد ويساير تاريخه ويعاود البسمة لمحبيه بالمصالحة التاريخية إن جاز التعبير. لكن الآن وبعد المصالحة التي جاءت بعد سنوات من الجفاء هناك من يحاول أن يجير أي تحسن في المناخ الاتفاقي إلى طرف دون الآخر، وهذا ما سيعيدنا إلى المربع الأول، ان لم ينتبه الجميع لهذا المخطط. المهم الآن استثمار حالة التناغم بين الأطراف الاتفاقية، واستغلال حالة النشوة التي تسود الكيان الاتفاقي وجماهيره من أجل المضي قدماً نحو تحقيق المصلحة العامة للكيان، فالمهم هو الاتفاق وليس الاشخاص مهما كانت تلك الشخصيات. قطار الاتفاق لن ينتظر أحدا بعد تحقيق المصالحة، وعلى الأطراف المعنية ان هي أرادت التواجد داخل هذا القطار المسرع والمتجه نحو استعادة أمجاد الزمن الجميل أن يسيروا في هذا الاتجاه، والعمل من أجل الاتفاق وليس الأشخاص. العقول الكبيرة والنفوس الصافية التي عليها الأقطاب الاتفاقية يجب أن تتصدر المشهد وتدير المرحلة الحالية، ولا بد أن يسعى كل طرف لمنح نفسه ميزة يساهم بها في رفع أسهم الفريق الاتفاقي بشكل عام بغض النظر عن أسهمه هو شخصياً. الاتفاق لا خوف عليه في المرحلة المقبلة، طالما ظل الكبيران عبدالعزيز الدوسري وهلال الطويرقي على وفاق، فلن يكون للأمور الأخرى الخارجة عن النص أي تأثير سلبي على الكتيبة الاتفاقية فما قاما به ولا يخفى على أحد أخمد نار الفتنة في مهدها، وقبل أن تكبر الشرارة لتشتعل داخل جدران النادي العريق، كما هو الحال في القادسية بعد أن أزمت نار الانقسامات الأوضاع داخل الكيان القدساوي. من الأفضل أن يستوعب أبناء فارس الدهناء درس القادسية في الانقسام المستمر منذ 20 عاماً، وألا يسمحوا للانقسامات أن تدب داخل ناديهم وعليهم ألا يقعوا في نفس الفخ. الاتفاق كبير وسيبقى كبيراً بمحبيه وجماهيره، لا سيما بعد أن بدأت جمالية الاتفاق في العودة بعدما اختفت لسنوات، لكن رائحتها ، وجذورها بقت تنتظر فقد السَّاقين لتُطِلَّ من جديد بعنفوان أكثر إناقةً وجمالا ففي الاتفاق لا توجد كلمات متقاطعة، وليست هناك لغة غموض، حتى في أحلك الظروف ففي الاتفاق جماليةٌ واحدة فقط للزمن، ورمت بأدواتها وحنجرتها وأهازيجها للبحر. تلك الجمالية خُبِّئت رغم انها كانت تشدو بصوتٍ مرتفع عن الهول واليامال، كانت تغنّي دائما عن الفارس وعن البلدوزر وعن النجوم وعن التاريخ وعن الذهب وعن الخليجية وعن العربيةِ وعن الآسيوية.. خبئت تلك الجمالية بفعل فاعل لكنها ستعود من جديد لتملأ استادَ الدمام بحناجرَ من الأحساء ومن القطيف والدمام والخبر والجبيل.. كانت تُغنّي بجمالية الساحل الشرقي، وكان للسامريِّ وقْعهُ ولِأَمواج البحر صيتها في تلك الأهازيج. ما اجمل الاتفاق حينما يعود لأصلِهِ.. لغة تُناجي الجميعَ بدون كلام.. الاتفاق اسم اتفق الجميع على حبه فكل الجماهير على اختلاف ميولها تتمنى له حصد البطولات بمجرد أن تخرج فرقها المحببة من دائرة المنافسة. فالاتفاق.. كتابٌ من ذاكرة الوقت.. لغة بريئةٌ سلسةٌ وعذبة.. لسهولة لفظِها وكلماتها وعباراتِها.. تحفَظ عن ظهر قلب.. يتوهّجُ حرفُها مع الكبار.. ويبقى جمالها رونقاً يُشيعُ الفن والمتعةَ والإثارة في محيط الورقةِ الخضراء بل إنه تفرد لخصوصية فارس الدهناء. ذلك هو الاتفاق الذي عرف بأنه ناد أريحي يعشقه الجميع ويتعاطف معه الجميع فهو أشبه بمحطة سلام.