أكثر ما لفت الانتباه في ميزانية العام القادم وبالرغم من انخفاض أسعار النفط هو تأسيس ثلاث جامعات جديدة : جامعة جدة، جامعة بيشة وجامعة حفرالباطن وهو أمر إيجابي تعليمياً ومؤشر على حرص الدولة الدائم على توفير فرص تعليم في مختلف مناطق المملكة والمهم في مثل هذه اللحظة من التاريخ هو تقييم واقع الإبداع في التنمية ومساهمة التعليم فيه. لسنا بحاجة لأن نقول بأن لدينا مبدعين مميزين فالنتائج التي يسطرها موهوبو التعليم العام في المحافل الدولية، وابتكارات مبتعثي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي في الخارج لَتعطي دلائل إيجابية حول طبيعة العقول التي لدينا في المملكة ولكننا وبالضرورة علينا أن نناقش مساهمة تلك العقول المبدعة في التنمية وإن صح التعبير فإن لم تكن محدودة فهي شبه غائبة، والمطلوب الآن تأسيس برامج لتوظيف الإبداع في التنمية في مجالات إستراتيجية تنموية كالطاقة البديلة واقتصاد المعرفة وإنترنت الأشياء والتجارة الإلكترونية وغيرها من المجالات، فوتيرة الابتكار تسير حول العالم بشكل سريع والعالم يحتفل بأنماط جديدة من الابتكار ولعل حصول ساعة أبل الذكية على أحد أفضل ابتكارات العام 2014 بحسب الواشنطن بوست لتطويرها مسار الحواسيب القابلة للارتداء لَيعطي مؤشرات حول مسارات الابتكارات حول العالم وإلى أين تسير. نقطة البدء الرئيسية ربما تكون في تطوير مراكز الأبحاث في المملكة والإنفاق عليها بشكل يمكنها من تحقيق نتائج إيجابية فلدينا في المملكة 169 مركزا بحثيا في الجامعات فقط ومن المهم تقديم منح للباحثين والموهوبين الأجانب جنباً إلى جنب مع الباحثين والمبدعين السعوديون لإنتاج بحوث نوعية في المملكة، فالولايات المتحدة تقدم سنويا 1800 منحة دراسية للباحثين والطلاب الأجانب، والمملكة المتحدة تقدم حوالي 1500 بعثة دراسية وأستراليا تنفق 200 مليون دولار سنوياً في ذات المجالات كل ذلك من أجل تطوير مخرجات البحث العلمي والإبداع والابتكار، فالأبحاث والتطوير هما سر الوثبات النوعية التي يعيشها العالم ونتائجها يمكن قياسها تنموياً وفي أرباح القطاع الخاص كذلك ولعل إنفاق شركة هوليود بكرد 2 مليار دولار على الأبحاث والتطوير في العام 1999 وتحقيقها عائداً على أرباح الشركة يقدر بقيمة 42 مليار دولار ليعطي مؤشراً فضلا عن ارتفاع إنفاق شركة سامسونج على الأبحاث والتطوير من 8 مليارات دولار في العام 2010 إلى 14 مليار دولار في العالم 2013 م، كل ذلك يضعنا أمام حقيقة واحدة وهي أن تنويع مصادر الدخل الوطني يصعب تحقيقه دون أن تجد العقول المبدعة مكانها المناسب في القطاعين العام والخاص. الخلاصة: ليس لدينا أزمة إبداع إطلاقاً ولكن لدينا مشكلة في توظيف الإبداع في التنمية وهنا يأتي الدور الجديد لمجلس الشورى وهيئة الخبراء في تقييم أنظمة القطاع العام والموارد البشرية الوطنية بما يحقق أثرا للمبدعين في التنمية.