يتفاخر مختلف الجهات عندنا عند الحديث عن ترتيب المملكة في عناصر مثل الشفافية والنزاهة والأداء الحكومي والاقتصادي، بل إن الجامعات أصبحت أكثر المؤسسات بحثا عن الترتيب العالمي والمراكز المتقدمة. المعلوم اليوم لدى الجميع، الذي كان مجهولا في السابق، هو علاقة هذه الجهات بوضع أنفسها في التقييم العالمي. عندما أثارت الصحافة موضوع الجامعات بالذات، أيقظت لدى الجميع عملاق البحث والتحري لتحسين المراتب. وبقدرة قادر تمكنت جامعات معينة من القفز 500 مركز في التصنيف العالمي بعد عام واحد فقط. وبحكم مركزها الأكاديمي، قدمت الجامعات المثال الجيد لمن يريد أن يحسن موقعه في الترتيب العالمي. تغيير المعلومات و"تزييف" الإحصائيات وتركيز الجهد على العناصر التي يبحث عنها المصنف أوجدت حالا مختلفة لدى البعض. يسأل الواحد منا: أين الأمانة العلمية عن الجامعات، فيجيبه "آخرون": أنت بعيد عن عالم الجامعة والتطور "القياسي" الذي تعيشه. يبقى وجود جامعات حكومية عندنا غير معترف بشهاداتها، حقيقة. لعل مركز المملكة في الشفافية ومكافحة الفساد لا يناسب الأخلاقيات التي تميز ديننا، التي بنيت على أساسها الدولة. مهم جدا أن نعيد النظر في الجهات الرقابية والعقوبات التي لا بد أن تطول كل عناصر الفساد. عندما ظن الجميع أن الفساد هو صبغة حكومية، جاء التقرير الأخير الذي نشرته "سبق" حول أعمال شركة فرنسية تعاقدت مع الشركة السعودية للكهرباء ليضرب سمعة الشركة في مقتل. غرمت محكمة أمريكية الشركة الفرنسية مبالغ تقارب ثلاثة آلاف مليون ريال، بسبب تجاوزات أخلاقية وإدارية ومالية في عدة مشاريع من ضمنها مشاريع إنشاء محطات للطاقة الكهربائية في الشعيبة. شملت المخالفات دفع مبالغ بالملايين لمسؤولين سعوديين، وتقديم خدمات خاصة للمسؤولين الذين لهم تأثير في منح العقود من ضمنها توظيف مستشارين من أقارب المسؤولين بمبالغ تجاوزت 100 مليون ريال. تقرير يندى له الجبين، ويلزم مسؤولينا بالتوجه للمحكمة الأمريكية وطلب مزيد من المعلومات عن المتورطين ومعاقبتهم على هذه الخيانة الوطنية للأمانة التي تبرأت منها السموات والأرض والجبال. مؤسف أن يكون القضاء الأمريكي هو الذي كشف هذا الفساد، ومضحكٌ مبك أن يلزِم أحد مسؤولي الشركة الفرنسيين بدفع جزء من الرشا لمؤسسة "إسلامية" تعمل في الولايات المتحدة.