تبدو علاقة الناس بالأحداث طبيعية وأصبحت تعتمد على وسائل الاتصال والصور والكلمات والأخبار فكأنما كل شيء متبادل؛ الأفكار والأحاسيس والنتائج. وفي كل مكان تكون علاقات التواصل فعالة ويصغي الفرد لما يدور حوله بإمعان رغم الضجيج والفوضى إلا أن الاستمرار يلملم التشتت وينشر المعلومة، وينتظر كل عام ما تعلنه بيانات وزارة المالية عن الميزانية العامة للسعودية والتي سجلت خلال ال 16 سنة الماضية فائضاً 11 مرة فيما حققت عجزا 3 مرات فقط. ولا يخفى على الجميع أن مايطرح على الساحة الآن من إشكاليات نتجت عن تكرار المواضيع ومستقبل النفط والأسعار والمصروفات والإيرادات النفطية، فالنظرة التي كانت سائدة ترى أن نهاية الإشكالية بانتهاء وقتها، وكلّ يتبع منطقاً خاصاً وينتهج تصنيفا معيّنا، تصنيف الحقوق والواجبات والمشاريع التنموية، وينظر إلى شأن الناس بعين الإعلام التي تتشارك مع القطاع الحكومي والخاص، وترك التفاصيل للأخصائيين الاقتصاديين وحفظ الأرقام القديمة والحديثة بلسان أشخاص جدد تقرأ بعقلانية ماخلف الكلمات وتجسد الإنجاز على أرض الواقع. قد ندرك أن الكلمات أهم من الأرقام ولكن جميع النتائج تعتمد اعتماداً كلياً على الميزانية كما هو الحال في كل عام، وتحتكم إلى النتائج المالية والقلق المصاحب لانخفاض سعر النفط في الربع الأخير من هذا العام، فيما صرح الخبراء الاقتصاديون بأن ميزانية هذا العام مطمئنة بزيادة متوقعة وتعزيزها بفوائض قديمة، فكلما ارتفع سعر النفط زادت الضريبة في دول العالم. لذلك تأسست الأخلاقيات والمعايير إلى فصل جوهري بين الخصوصية والحالات العامة التي تستدعي الخوض والتفصيل وكل ماله فائدة ينتهي إلى قلب المجتمع وأساس غايته. ومن هذا الأساس الذي بلوره كانط قائلا ؛ (إن الأشياء التي لها ثمن، يمكن أن تستبدل بشيء آخر يماثلها قيمة، وعلى العكس من ذلك إن الذي يتمتع بالكرامة فهو عالٍ ولا يقدر بثمن، وبالتالي لا يقبل المبادلة مما يعني أنه لا يمكن أن تقايض إنساناً بآخر، بحيث لا يمكن أن ينسحب على الإنسان ما ينسحب على البضائع والممتلكات والمعاملات). غير أن الخطر لا ينحصر في هذه الجزئية من حياتنا فقط، بل إن المجتمع أصبح يخلط بين الأمور الشخصية والأمور العامة فيتداولها ويتبادلها دون أدنى مسؤولية لما يقابله الآخر من إشكالية تمس استقراره. ولدينا قول مأثور فيمن ترك عمله واشتغل بأمور عامة، (إن الناس طبائع فأحسنوا المعيار في المنابع) فمن الحكمة أن تصدق نصف ما ترى ولا تصدق جل ما تسمع، بيد أن التطور الحالي الذي شمل وسائل التواصل الذي حولها إلى تفاعل حتى وإن غاب الحوار المفتوح. إن الوقوف في وجه هذا التحول الكبير الذي وضع على طاولة العرض والرأي العام يستدعي القول أن الاستفادة من نفوذ المملكة في السوق العالمي يمكنها من الحصول على أفضل الأسعار رغم كل التداعيات وبالتالي مكانتها في العالم والأوبك يضمن لها مكاسب سياسية نظراً لثقلها الدولي، لذا نجد أن التفاؤل نقطة انطلاق عميقة تتمركز في الذات.