حمود ابو طالب المتوقع أن تصدر اليوم الميزانية العامة للدولة، بعد وقت من الترقب لما ستسفر عنه التوقعات والتحليلات التي أربكت المجتمع، بعد أن منح الكثير أنفسهم أحقية الحديث في الشؤون الاقتصادية والمالية والبترولية دون تخصص أو خبرة، إضافة إلى التقارير التي اعتدنا عليها في بعض وسائل الإعلام الأجنبية التي تستقي معلوماتها من مراكز دراسات لا نعرف عن مصداقيتها ودقة معلوماتها. لا ننكر أننا كنا تحت وطأة القلق بعد الانخفاض الحاد لأسعار البترول وتأكيد تلك المصادر الأجنبية أن الميزانية ستتأثر وتؤثر على التزامات الدولة تجاه المشاريع الضخمة والبرامج التنموية المختلفة التي التزمت بها. لهذا السبب كنا نناشد مسؤولي الجهات المالية والأقتصادية انتشالنا من تلك الحيرة المعلوماتية وإطلاعنا على الحقائق بدلا من بين معلومات مستوردة غير مؤكدة، وحتى إن كان ظهور وزير البترول ووزير المالية متأخرا، فإنهما قد أزالا كثيرا من اللبس عندما وضحا بعض الملابسات وأجابا على بعض التساؤلات المهمة، ثم جاءت تصريحات مجلس الوزراء لتؤكد متانة الاقتصاد السعودي وعدم تأثره بانخفاض أسعار النفط في هذه المرحلة واستمرار التنفيذ لكل ما خطط له من مشاريع وبرامج. إذا، نحن إزاء ميزانية جيدة ــ إن شاء الله ــ نتوقع أن تحفل بأرقام جيدة، ولكن لا بد من الانتباه إلى اختلاف الوضع هذا العام، وربما لأعوام قادمة من حيث استثمار كل ريال في الميزانية كما يجب؛ لأنه مهما كان ثبات اقتصادنا لا بد أن نتكيف مع انخفاض الموارد القائمة على البترول بشكل أساسي. أشياء كثيرة أصبح حتميا مراجعتها، فبعض المشاريع التي لا تتعلق بشكل مباشر بالخدمات الأساسية يمكن تأجيلها أو النظر مرة أخرى في جدواها، والمبالغ المرتفعة جدا لبعض المشاريع مقارنة بمثيلاتها في دول أخرى لا بد من التدقيق مرة أخرى في أسباب ارتفاعها . وحبذا لو تم النظر بشكل عاجل في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الذي تتسبب في كثير من الهدر والفساد والتعطيل. كما أصبح ضروريا جدا إلغاء مفردة التعثر من قاموسنا، بعد أن أصبحت مرتبطة بكثير من المشاريع الكبيرة والصغيرة، فبالأمس فقط قرأنا تعثر مشروع تكلفته 16 مليارا، فهل يعقل هذا مهما كانت المبررات؟ كفانا تلاعبا بمقدرات الوطن ومستقبل أجياله، وكفانا تراخيا أمام العبث بالمال العام، فالميزانيات مهما كانت ضخامتها ستبقى محدودة الأثر إذا ما تم استمرار التعامل معها بهذا الشكل. عكاظ