مازال الحادث الكارثي الذى أودى بحياة ثلاث معلمات- ومنهن المعلمة "صالحة" الأم لأربعة أيتام والعائلة الوحيدة لأب عاجز، وام تصارع الامراض المستعصية- يتردد فى أذهان الناس ويقلق معلمات يسلكن نفس الطريق وأسوأ منه للوصول الى مدارسهن. صالحة كانت تعرف مرارة فقد أبنائها ووالديها لها، لذلك سعت منذ أن استلمت قرار التعيين بمدرسة تبعد عن سكنها 180كم وتعرف أن الطريق لايصلح لمرور المواشي وسمعت قطع السيول والامطار لأجزاء من الطريق، فكتبت وشرحت لإدارة التعليم ظروفها، وكتبت بكافة أنواع الخطوط طلبات متلاحقة مدعمة بصكوك الاعالة وشهادة وفاة زوجها ولكن جهودها فشلت لأن هناك هاجسا بإدارات التعليم أن الكل يكذب!! ماتت صالحة وعادت الى أبنائها ووالديها ولكنها أشلاء متقطعة. بالأمس اعتمد سمو وزير التربية والتعليم برنامجاً خاصاً لمدارس البنات فى المناطق النائية والبعيدة ينص على تنظيم الدوام فى مدارس البنات التى يشملها البرنامج بحيث يقتصر دوام المعلمات على ثلاثة أيام بالتناوب بين المعلمات فى خمسة أيام بالأسبوع. وهذه خطوة موفقة ورائعة وجريئة أعطت إشارة أن ادارات تعليم البنات أيقنت أن هناك مشكلة يجب حلها بعد أن بقيت عقودا وهي تكتفي بإرسال برقيات التعازي للمتوفيات، ولو أن القضية شائكة ومتشعبة ويتحمل مسؤوليتها عدد من الوزارات والجهات، فالبرنامج سيحد بنسبة لا تتجاوز 5% من الحوادث لان المسافة نفس المسافة والطريق نفس الطريق والمركبة هي المركبة، والمشكلة بحاجة لحزمة من البرامج والقرارات السريعة ومنها التعاقد مع معلمات من الخارج واستيعاب جميع المعلمات السعوديات داخل المدن واعتماد وسائل نقل متطورة وسائقين ذوي خبرة واحتجاز الشاحنات بشكل صارم أوقات الذروة، وتحريك دوريات متابعة لأمن الطرق والمرور، وبهذا قد نغلق ملف موت المعلمات الى غير رجعة. والله المستعان.