Follow عَلَاقة كُلّ إنسَان بالوجُود؛ تَرتبط إمَّا بالأشيَاء التي يُحبّها، أو الأشيَاء التي يَخاف مِنها، أو الأشيَاء التي يَتمنَّاها، لدَرجة أنْ نَقول: قُل لِي مَا هي مَخاوفك، أو أحلَامك أو أُمنياتك، أَقُل لَك مَن أَنْت..! وقَد غَاص الفَلاسفَة والحُكَمَاء في هَذا المَعنَى، وأَتَى كُلّ مِنهم بمَفهومه الخَاص للوجُود، وبمَسح سَريع لأقوَالهم، يُمكن أنْ نَعرف مَفهوم كُلّ وَاحِد مِنهم للوجُود..! في البدَاية يَقول الفيلسُوف الألمَاني كارل ماركس -الذي كَاد أنْ يَموت مِن الجوع وقلّة الطّعام-: (أنَا آكل إذاً أنَا مَوجود)..! ولَيس كُلّ الفَلاسِفَة يُعانون مِن الجوع، بَل هُنَاك مَن يَطمحون إلَى التَّفكير، مِثل الفَيلسوف الفرنسي ديكارت، الذي يَقول: (أنَا أُفكِّر إذاً أنَا مَوجود)..! وإذَا قَلبنا الصَّفحَة، واتّجهنا إلَى الشِّعر، نَجد أنَّ مُعَانَاة الشُّعرَاء تَأخذ طَابعاً آخر، لخّصها الشَّاعِر بايرون، حَيثُ قَال: (أنَا أُحِبّ إذاً أنَا مَوجود)..! ويَبدو أنَّ عَالَم الخَوف لَه حضُوره في الوجُود، وقَد أشَار إلَى هَذا المَعنَى الأديب الكَبير كافكا، حَيثُ قَال: (أنَا خَائِف إذاً أنَا مَوجود)..! وطَالَما نَحنُ نَتحدَّث عَن الخَوف، فلابُد أنْ نَتحدَّث عَن الوَجه المُعَاكِس لَه، أَلَا وهو الحريّة، حَيثُ اختَصر الحِكَاية كُلّها الأديب الرّوسي تولستوي، حِين قَال -بشَكلٍ ضَاحِكٍ سَاخِر-: (لَن أكون حُرًّا حتَّى تَموت زَوجتي)..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: هَذه نَظرية الفَلاسفة للوجُود، واستغلَاله، ومَخاوفه، أمَّا نَحن، فقَد طوّرنا الوجُود إلَى خِدمة لتَصريف النَّاس، مِن خِلال تَحويل هَواتفنا الجوّالة إلى خدمة مَوجود، ليُصبح تَعريف الوجُود لَدينا: (جوّالي مُغلق؛ إذاً أنَا مَوجود)..!!! المدينة