×
محافظة المنطقة الشرقية

المملكة ممثلا لآسيا في اتفاقية التنوع الإحيائي

صورة الخبر

جامعة المتقاعدين في اليابان تقبل فقط من تجاوز عمره الستين عاما ومدة الدراسة أربع سنوات وتعطي برامج في الحرف والمهن من فلاحة وتربية أسماك وغيرهما. وفي ألمانيا «هيئة خبراء المسنين» تضم أكثر من 5000 خبير ألماني من المتقاعدين في مختلف المجالات. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فالبرنامج الوطني لتوثيق تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي يقوم عليه المتقاعدون، كونهم الأكثر خبرة ودراية وهو البرنامج المعروف بـ«تنظيم الأرشيف الوطني»، فضلا عن العديد من الخدمات والإسهامات الكبيرة التي يقدمها المتقاعدون من خلال جمعية المتقاعدين المتطوعين الأمريكية. وفي طوكيو اليابان يوجد أكبر شارع مخصص للمتقاعدين تمنع فيه السيارات والحافلات وهو الشارع الأهم والأغلى لما فيه من منتجات تهتم باحتياجات المتقاعدين، فضلا عن البرامج السياحية التي يتم تنظيمها للمتقاعدين وأحفادهم داخل وخارج اليابان. أما البرتغال، الدولة الأوروبية الفقيرة بين أغلب الدول الأوروبية، فجنة المتقاعدين، حيث يتوافد المتقاعدون بأعداد مهولة من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بسبب الإعفاء الضريبي على المتقاعدين، وجودة الحياة وقيمة الائتمان وانخفاض كلفة المعيشة بما في ذلك انخفاض العقار وانخفاض قيمة صرف اليورو. أما المتقاعدون في المملكة، فيقترب عددهم من المليون متقاعد سواء من العمل الحكومي «المؤسسة العامة للتقاعد» أو القطاع الخاص «المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية» وهذا الرقم مرشح للزيادة، بينما المعاشات التقاعدية لا تزال أقل بكثير من مواكبة غلاء المعيشة المتفاقم ولا تلبي احتياجات أغلب المتقاعدين وأسرهم، فضلا عن أن ما يقارب الـ40% من المتقاعدين لا يملكون سكنا لهم ويكابدون دفع إيجار السكن. أما ثالثة الأثافي، فهي أن المتقاعدين لا يملكون تأمينا صحيا ورعاية صحية. هذه المعضلة لا يبدو أنها قريبة من الحل لأسباب منها، أن أعداد المتقاعدين تتزايد بوتيرة متسارعة، والسبب الآخر أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والمؤسسة العامة للتقاعد تواجهان مشكلة في إدارتهما لاستثمار مواردهما الضخمة على الوجه المطلوب، أما السبب الأهم فهو أننا لم نتعامل مع المتقاعدين على أسس اقتصادية تنموية وإنما تعاملنا معهم فقط على أسس اجتماعية ونفسية، فقد تمت إضافة المتقاعدين بطريقة تلقائية إلى قوائم العاطلين عن العمل بدلا من الاستفادة والاستثمار في خبراتهم الطويلة والعميقة والمطلوبة. يجب أن نفهم جيدا أن التقاعد هي بداية جديدة سواء من زاوية المتقاعد أو من زاوية المجتمع، ويجب الكف عن برامج الشفقة عليهم. يجب دمج المتقاعدين أو أغلبهم في الاقتصاد وبرامج التنمية، لأن المتقاعد في هذه المرحلة يكون في حالة استقراء هادئ لتجربته أو تجاربه ولديه الكثير ليقوله عن تلك التجربة ولديه الكثير لأن يعمله. من المستغرب والمستفز في الحقيقة أن تتمحور تصريحات القائمين على الجمعية الوطنية للمتقاعدين حول شح موارد الجمعية، فأنا أفهم هذه التصريحات لو جاءت من جمعيات السرطان والأمراض المستعصية، لكنني لا أفهم أن تشكو جمعية المتقاعدين من شح الموارد وهي الجمعية التي تتحدث باسم آلاف الخبرات المتراكمة من الأطباء والمهندسين والمحاسبين والأكاديميين والخبراء في مختلف مجالات الحياة. إنه فشل الإدارة في استثمار مئات الخبرات وهو إخفاق ذات الإدارة في تسويق تلك العقول والمهارات والخبرات إلى القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني، فضلا عن الفشل في استقطاب الأوقاف والزكاة وغيرهما من المصادر التمويل الأخرى في استثمار المتقاعدين تنمويا وليس خيريا. لقد أخفقنا بتأمين مساكن تليق بهؤلاء المتقاعدين وأسرهم، فهل يجوز أن يقدم المتقاعد كل ما قدم في حياته، لينتهي به المطاف بأن يصل سن التقاعد وربما يفارق الحياة ويترك أسرته بلا مأوى أو سكن يليق بهم؟ وإذا لم يكن المتقاعدون أولوية في برامج وزارة الإسكان، فما هي الأولوية يا ترى لدى وزارة الإسكان؟ وهل ترك المتقاعدين بلا تأمين صحي أو رعاية صحية، يحفظ الحد الأدنى من كرامتهم؟ فإذا لم تذهب أموال الزكاة إلى هؤلاء، فمن يستحق أموال الزكاة يا ترى؟ وإذا لم تلتزم البنوك التجارية والشركات الكبيرة ببرامج المسؤولية الاجتماعية تجاه هذه الشريحة، فهل يجوز الحديث عن قيم الوفاء وثقافة الإحسان ومجتمع التكافل؟ المتقاعدون ليسوا بحاجة لصدقة، فهم أهل حق في مكتسبات المجتمع، وهم أصحاب فضل علينا، ومن الواجب، أن نحفظ لهم كرامتهم وإنسانيتهم وفضلهم وألا نتركهم ضحايا لخيبات مؤسسة التقاعد والتأمين الاجتماعي من ناحية، وثقافة الجحود وقصر النظر في استيعابهم وإدماجهم في برامج تنمية المجتمع. فما يتمتع به المتقاعدون في اليابان أو الولايات المتحدة والبرتغال وغيرها، من الممكن أن يتحقق لمتقاعدينا وبكل سهولة، ربما يتطلب الأمر قرارا وطنيا أو ربما تغيير الزاوية التي ننظر منها للحياة قبل فوات الأوان.