نعيش أجواء الميزانية، هذا الأسبوع، واستعصت معها بقية المواضيع، فلم أجد بدا من الكتابة عنها، ليس عن الميزانية تحديدا، فجميعنا يعلم أنها على الدوام ميزانية خير وبركة، وأنها ستغطي ــ برغم أزمة أسعار النفط ــ معظم احتياجات الوزارات، جميعنا يعلم أيضا أن الخلل لم يكن أبدا في التمويل على مدار أعوام، بل الخلل كان وما زال يكمن في الإدارة، وإلا ما تعطلت وتعثرت أكثر من 50% من مشاريعنا الحكومية، وهي نسبة لا تدع أي مجال لتبرير، وتكرارها سنة بعد أخرى يعني استمرار التقصير. أنتهز أجواء الميزانية الجديدة للحديث إلى أصحاب المعالي الوزراء، وهم من نتوسم فيهم الخير، غدا سترصد لمعاليك ميزانية ضخمة، قد يكون بعض منها مدورا من مشاريع السنة الماضية، وبعضها لا شك جديد، كن مشرفها الأول والأخير، وأحسن توزيع صلاحياتك وثقتك، لا تغرق في التفاصيل والاجتماعات وتغلق الأبواب، يكفيك إحكام جدولك الإشرافي، لا تركن إلى مساعدين ثبت نفاد مخيلتهم عن حلول ابتكارية وإن ملكوا سنوات خبرة طويلة قد تكون مجرد تكرار لخبرة سنة أولى عمل، ولا تمنح أحدهم فرصتين، فرصته الأولى سيبذل كل جهده فيها، الثانية سيتفنن في إيجاد مبررات لفشله، ولا تثق في خوان أثيم قد يسرق هو إنما سيسجل فشله وسرقته باسمك، وأعطوا الشباب فرصة. خذ ما تريد من فلاشات، لكن ثق أن إنجازك هو أكبر دعاية لك، ليتك تزيح المشلح قليلا وتنزل إلى الميدان أكثر، فالتقارير الورقية مهما برع واضعوها لا تغني عن المعاينة، فليس من رأى كمن قرأ. ليت إصحاب المعالي رؤساء هيئات الرقابة والمتابعة يقللون من مجهودات هيئاتهم الميدانية، فقد لا يحتاجونها كثيرا، هناك رقابة دفترية محاسبية، وهناك رقابة على الإنجاز، هناك مشاريع معلنة ولها جداول، وهناك بنود استلام وتسليم، هناك مخطط ومنفذ ومستلم وبينهم مسطرة مواصفات، لو اكتفيتم بمراقبتهم ومتابعة منجزهم لوفيتم، وتذكروا دائما أن تنظيف السلالم يبدأ من الأعلى للأسفل؛ لذا استغربت تصريح من قال بعدم شمول الوزراء وأمراء المناطق بمهام الرقابة، إذا كان ولي الأمر قد أمر بذلك وأمر بمزيد من الشفافية لكائن من كان، كيف يأتي هذا ويستثني ويفسر أمرا ملكيا بطريقته، بينما تطبيقه يحمي الوزراء وأمراء المناطق من أي فاسد حولهم.