مع أن الجميع يعترف بحجم الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل تيسير مهمة الحج وأداء النسك في راحة ويسر وبشكل يتطور تطورا مطردا في كل عام.. إلا أن الإنسان ((إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا)).. وهو أولى منا بأنفسنا معرفة ورحمة ومنهاجا يرسمه، لو اتبعناه لكنا من أرقى الأمم ولتوفرت لنا حياة كريمة آمنة مطمئنة. الشائعات وأولئك المرجفون في المدينة وأولئك الذين ينفخون في الشائعة حتى تكون فقاعة كبيرة ويطيرونها في سماء المجتمع دون رقابة من الله وفي غفلة من الضمير الحي المؤمن وفي غمط واضح ومتعمد من أجل طمس الحقائق.. لمصلحة من لا أحد يعرف.. ولكنها كالذبابة التي لا تقتل ولكنها تثير الاشمئزاز.. ومع أن الجهات المنوط بها خدمة الحج أخذت تعالج مشاكله في وقت مبكر من الحج إلى الحج الأمر الذي وضع أمام المسؤولين حقائق مذهلة.. كما ورد على لسان الدكتور عبدالعزيز الخضيري وكيل إمارة مكة المكرمة.. فإن العقوبات التي توقع على مخالفي أنظمة الحج ليست موجهة ضد الحجاج القاصدين من الآفاق لبيت الله العتيق.. وإنما من أجل حمايتهم وتوفير أقصى السبل ليتوفر لهم حج مبرور وسعي مشكور في أجواء مناسبة وقياسية. ومن الغرابة أن اللجنة التنفيذية لأعمال الحج قد رفعت ثمانية آلاف ملاحظة في الموسمين الماضيين. التحايل والتزوير والغش والكذب: كل ذلك في سبيل الوصول إلى الحج.. وعجبي! أن يصدر ذلك عن طبقة يفترض فيها الوعي الديني.. لأن الحج كما يقول الله سبحانه وتعالى عنه (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقونِ يا أولي الألباب) إن الله غني عن العالمين.. أجد في نفسي كثيرا من الحرج وأنا أقف على مشاهد مخزية مثل أولئك الذين يهربون المقيمين بسيارات النقل الكبيرة التي تنقل السيارات الجديدة.. وذلك لإشباع أطماع دنيوية.. وهناك سؤال يثور وخاصة في هذه الأيام التي دأبت شؤون الحرمين ووزارة الحج في خطاب مقروء ومسموع ومشاهد تشرح كيف أن توسعة المطاف قد حدت من الطاقة الاستيعابية لبيت الله الحرام.. ولذلك فهي تخاطب الحجاج في الداخل والخارج من أجل أن يقتصدوا وخاصة أولئك الذين يحجون كل عام ليتركوا المجال رحبا أمام القادمين لأول مرة.. إن هذا يكشف معدن المؤمن الحق ومدى ثقته في الله.. فقد أخبرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام أن من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه. الجدل العقيم الدائم بين وزارة الحج والشركات: لقد كان ملحوظا في هذا العام تأخير إصدار أذون وتراخيص الحج لحجاج الداخل.. وكيف تهافتت الشركات على زبائنها وكيف استعر التنافس على استقطاب أكبر عدد من حجاج الداخل.. وشكا البعض من أن وزارة الحج قد بخستهم من حيث المساحة والإمكانات في المخيمات الجديدة. وشكا الكثيرون من ارتفاع كلفة الحج.. وقد بلغت على المستوى المتوسط 13 ألف ريال عن كل فرد.. لست أدري كيف يكون الخطاب للذين أخذوا الحج سيرة في كل عام.. وكيف الوصول إلى قناعاتهم.. لأن ترك المجال للآخرين فيه فضل. مفتاح الكعبة والضجة التي أثيرت حوله: من أسباب البلاء وإثارة البلبلة ونشر الشائعات الجوفاء ما أثير حول مفتاح الكعبة.. إلى متى نحن نتمسك بالقشور وندع الحقيقة.. كل ذلك لإشباع نزوات مرضية تستغل ساحات الرأي التي لا رقيب عليها من أجل إثارة الناس وإشعال أوار الفتن.. ولقد أحسنت شؤون الحرمين صنعا عندما أوضحت أنه قد صدر في هذا الخصوص أمر سامٍ.. وأنه لا حقيقة مطلقا لسحب المفتاح من آل الشيبي.. هنيئا لهذه الأسرة المباركة.. أقدم وأعرق أسرة مدى التاريخ الإسلامي وكان الله في عونهم من أجل الوفاء بحق هذا التشريف العظيم وحسبي الله ونعم الوكيل.