المهندس عبدالله المقبل وزير النقل الجديد بدأ في ممارسة أعماله ميدانياً قبل أيام، ومنح فرصة أخيرة للائتلاف الإسباني المسؤول عن مقاولة المرحلة الثانية من قطار الحرمين، وأبلغهم بأن أمامهم شهرين لمعالجة التأخير الحاصل في المشروع، والذي وقف عليه في زيارته المباغتة وغير المرتبة، وإلا فإن عقوبات التأخير ستطالهم، والمقبل ابن الوزارة، وسبق أن عمل فيها وكيلا لشؤون الطرق، وهو يختلف عن بقية الوزراء، وأعتقد أن زملاءه يحاولون في المرحلة الحالية الوقوف على الملفات المهمة في وزاراتهم، وقراءة المشهد العام قبل القيام بتصرفات قد تحسب عليهم، وربما الاجتماع بالوكلاء ومديري العموم والقيادات المهمة لتحديد أولويات الوزارة في الفترة المقبلة، ووزير النقل ــ بطبيعة الحال ــ لا يريد أن يفتتح مشواره الوزاري بمشروع متعثر، ولعل التأخر في إنجاز بعض الإنشاءات في قطار الحرمين صاحب الخصوصية والامتيازات الإسلامية والوطنية يطرح استفهاما كبيرا حول مصير المشاريع الأقل أهمية. ملف المشروعات الحكومية المتعثرة ليس جديدا، والمسألة في طريقها لأن تصبح قضية رأي عام، ما لم تتخذ الإجراءات المناسبة لحلها وبصورة نهائية، فقد بين رجل المبادرات في نزاهة ونائب رئيسها الدكتور عبدالله العبدالقادر أن نسبة التعثر في إنجاز المشاريع وصل إلى 75 في المئة في سبعمائة مشروع نفذت في السنة الهجرية الماضية، والنتيجة جاءت في دراسة أجرتها نزاهة بالمشاركة مع جامعة سعودية. بعض المقاولين السعوديين يقترح العمل بعقود «فييدك» في كل المشاريع الحكومية، و«فييدك» تمت مباركته بقرار من مجلس الوزراء في سنة 2009؛ لأنهم يرون فيه مرونة تحتاجها الدولة لمنع تعثر مشروعاتها، وعلى سبيل المثال، ترتفع قيمة العقد بطريقة «فييدك» في حال ارتفاع أقيام المواد اللازمة لتنفيذ المشروع، وعندما تعود إلى أسعارها السابقة أو تنخفض، فإن الزيادة تودع قي خزينة الدولة، و«فييدك» ينحاز إلى الكفاءة في التنفيذ، وليس إلى العرض الأرخص في الترسية، والفكرة رائدة ومطبقة في دول غربية معروفة بتميزها، وآخر ما تم في مجال مواجهة مشكلة التعثر أصدره مجلس الوزراء في جلسته ليوم الاثنين 15 ديسمبر، واستند فيه إلى تصور مرفوع من وزير المالية العساف، واحتوى على ضوابط تمنع أجهزة الدولة من التعامل مع المقاول المتعثر، من بينها: صدور قرارات بسحب المشروعات لأكثر من مرة بسبب التعثر، الاعتذار المتكرر عن تنفيذ المشاريع بعد الترسية، التأخر في تنفيذ المشاريع لأسبابه الخاصة مع بقائه مسؤولا عنها، ولكن المنع المذكور مقيد بثلاث سنوات فقط، ومقصور على مشاريع الجهة الصادر عنها، ما يعني أن النظام يعطي المقاول المتعثر الحق في المنافسة على المشاريع الحكومية خارج الجهة المتضررة من تعثره، وفي هذا عيب نظامي، أو يجوز أنه استثناء وضعته وزارة المالية لأسباب معينة، ولو كنت أرى فيه مدخلا إضافيا لزيادة التعثرات. في تصوري، التعثر لا يكون في التنفيذ وحده، وإنما في الاعتمادات المالية وإقرار المشاريع، ومن الشواهد ما يحدث في الطائف الجميلة، البعيدة تماما عن عين المسؤول الوزاري في العاصمة، والطائف كانت في سنوات مضت مصيفا حكوميا معتبرا، وحاول الأمير الإنسان خالد الفيصل أن يعيد إليها شيئا من مجدها القديم، واستهل إمارته السابقة لمنطقة مكة المكرمة بإعادة الحياة لسوق عكاظ، وبحسب المصادر الرسمية لم يتحقق من مشاريع أمانة الطائف خلال الفترة ما بين عامي 2010 و2014 إلا 18 في المئة والبقية ما زالت تنتظر، وليتكم تضبطون ساعاتكم على سنة 2023؛ لأن الطائف ستكون في هذا التاريخ مدينة مزدحمة بالقطارات، ومحطة وصول ومغادرة لقطار الحرمين، وأتمنى أن لا نسأل بعد ثماني سنوات عن أسباب تعثر مشروع القطار الأهم في المملكة.