لم تعد رحلتي ذات قيمة على متن طائرة صباح الأربعاء جازان ـ الرياض، بعد إعلان مذيع مطار جازان تأخُّرها من السابعة إلى الواحدة ظهراً! وكنت قد حظيت بشرف الترشح لتمثيل صحيفة سبق الإلكترونية، في حلقة النقاش التي دعا إليها مجلس الشورى الموقر القيادات الصحفية وكُتاب الرأي بالمملكة، وما كان تعذر سفري وشرف حضور حلقة النقاش مشكلةً مع يقيني أنه يعني الكثير ويستحق أمثل استثمار لمجتهد مثلي، وقد كفى بالحضور رجالٌ تزهو بهم الحكمة وقاماتٌ يشهد لها الحرف والكلمة! لكنني أجد في تكرار أسف الخطوط السعودية ما يبعث على أسف أمرّ وأكثر إيلاماً للضمائر! وليتخيّل المرء أحوال المرضى الذين تخشبوا على كراسيهم المتحرّكة بانتظار مواعيد السفر لغرض العلاج والمراجعة بمستشفيات يصعب مع بيروقراطية معاملاتها حصول المريض على موعدٍ بديلٍ يتناسب وحالته المرضية ويتزامن مع جدول رحلات الطيران وصعوبة الحجوزات تحت ضغط المواسم والمناسبات! وليت السعودية تعتاد معاملة ركابها بما يليق بآدميتهم، كما اعتادوا أسفها الذي يترجم لمعاناةٍ ومتاعب لا طاقة للأصحاء بها، فما بال المرضى الذين يراجع أغلبيتهم مراكز طبية تخصّصية للعلاج من أمراضٍ خطرة كالقلب والسرطان وما ماثلهما! ليت السعودية تتبع أسفها بشيءٍ من واجباتها تجاه ركابها جميعاً في مثل هذه المحطات السلبية من خدماتها المترهلة! أقول ليت وقد رأيت وغيري كيف تصبح صالة السفر مائجةً هائجةً والركاب لا يجدون بعد إعلان الأسف الشهير مَن يدلهم على استراحةٍ لأجسادهم المنهكة بفعل التنقل والسفر من أماكن سكناهم البعيدة، وتقديم واجبها في ضيافتهم حسب مواعيد وجبات رسمية لحين حلول إقلاع رحلتهم في موعدها الجديد غير المسمّى! وهذا ما يحدث في باقي بلدان الدنيا وتختزله خطوطنا العريقة بعصير الـ سن توب وقطعة كيك تراها حاتمية المواصفات وعربية المعايير من منظار ضيق لا يضع علامة إكس إلا على الربح المادي دون اكتراثٍ باسم واحدةٍ من أقدم منظومات الطيران في الخليج والمنطقة وفي مقدمة أبرزها عالمياً ذات عهد! إن ما يُنشر على صحف عالمية شهيرة حول التعويضات التي تتكبّدها خطوط طيران عالمية لركابها نظير أضرارٍ لحقت بهم بسبب خطأ ما يجعلنا نتذكر وبجدية الحاجة إلى مطالبة خطوطنا بمثل ما تلتزم به مثيلاتها الموقعة معها على اتفاقية دولية للطيران المدني إياتا في ظروفٍ مشابهة! ولتتحمّل هذه المؤسسة تبعات خدماتها المتراجعة تماماً بقدر حرصها على تطبيق لوائح غراماتها التي تمتد لتصل للحسم من قيمة التذكرة وإلغائها كجزاء لتأخُّر الراكب عن موعد سفره أو لعدم تأكيد حجزه! فقد سئم الناس دلال هذا الناقل الوحيد مع الأسف والركاب من بعده في وطننا العزيز!