عندما يستضيف ليفربول يوم الأحد أرسنال في ملعب «أنفيلد»، يدرك أنه كان بإمكانه أن يحظى بنجم الغانرز هذا الموسم التشيلي أليكسيس سانشيز، لو عرف كيف يتعامل مع صفقة بيع نجمه لويس سواريز خلال أسابيع الصيف إلى برشلونة، لكن اليوم بات يعاني بشدة من خيبات عدة ومتكررة. لا شك في أن نادي ليفربول العريق يمر بأزمة كبيرة هذا الموسم، على رغم نجاحه في الوصول إلى الدور قبل النهائي لرابع مسابقات الموسم أهمية كأس المحترفين الإنكليزية، ولينجح في ذلك فاز في ثلاث مباريات سابقة فقط، بينها الفوز بركلات الترجيح الماراثونية (14-13) على فريق الدرجة الأولى ميدلزبره الذي يدربه إيتور كارانكا، مساعد الداهية جوزيه مورينيو أيام ريال مدريد، الذي يدرب تشلسي حالياً، الفريق الذي سيلتقيه ليفربول في الدور نصف النهائي من هذه المسابقة. ولا يختلف اثنان على الموسم السيئ للريدز حتى الآن، على رغم أن البعض قد يتساءل: هل هذا هو مستوى ليفربول الطبيعي في حين كان الموسم الماضي هو الاستثنائي؟ ربما تكون الإجابة أقرب إلى نعم، لو أضفنا إلى المعادلة غياب المهاجمين لويس سواريز ودانييل ستاريدج، اللذين مثلا القوة الرئيسة في الفريق، وربما بسببهما كانت تنجح خطة المدرب بريندان روجرز بالضغط العالي، والسرعة في كسر هجمات الخصوم والتألق في الهجمات المرتدة، إذ إنهما بفضل سرعتهما مثلاً مع الصاعد رحيم ستيرلينغ، قوة جبارة وسرعة فائقة في الانقضاض على الخصوم، فأية تمريرة كانت من قدم القائد ستيفن جيرارد إلى الأمام كانت تعتبر تمريرة رائعة، كونها تجد أحد زملائه الثلاثة، إضافة إلى أن المهاجمين سواريز وستاريدج سجلا 80 في المئة من أهداف فريقهما في الموسم الماضي، ولهذا السبب يمكننا تفسير لماذا لم يسجل أعلى هدافي الليفر هذا الموسم في الجولة الـ16 من الدوري جيرارد وستيرلينغ سوى ثلاثة أهداف، في حين أنه في المرحلة ذاتها الموسم الماضي سجل سواريز 15 هدفاً وستاريدج 9 أهداف. إذاً هاتان مشكلتان واضحتان (العقم التهديفي برحيل سواريز وإصابة ستاريدج، وتغيير أسلوب اللعب بسبب غياب السرعة)، لكن الدفاع أصبح أسوأ، بدءاً من الحارس مينيوليه، مروراً بالخط الدفاعي كاملاً، وهذا يقود إلى الحديث عن شخصية رودجرز المدرب، فهو رائع كمدرب حماسي وانضباطي، لكنه متواضع القدرات في الخطط التكتيكية، وكارثي في سوق الانتقالات، فمنذ قدومه في صيف 2012 لم يبرز من انتداباته الجديدة سوى ستاريدج وفيليبو كوتينيو، اللذين جاءا في سوق الانتقالات الشتوية في 2013، في حين فشلت صفقات 23 لاعباً آخرين ضمهم خلال العامين ونصف العام الأخير، وفي الواقع هذا عدد مخيف من النجوم، فجميع المدربين تصيبهم الخيبة في سوق الانتقالات، لكن النسبة تكون معكوسة عادة، فهم قد يفشلون في 10 أو 20 أو حتى 30 في المئة من الصفقات على مدى أعوام طويلة، لكن ليس في 90 في المئة من الصفقات في غضون عامين، فهذه كارثة بحد ذاتها، فالبداية كانت كارثية بضم بوريني (10.4 مليون جنيه من روما)، وجو ألين (15 مليوناً من سوانزي)، وحتى خلال الصيف الماضي كانت هناك أسماء لم نرها حقيقة في الفريق وكلفت خزانة النادي الكثير، مثل إياغو أسباس (7 ملايين من سيلتا فيغو)، ولويس ألبرتو (6.8 مليون من أشبيلية)، وتياغو إيلوري (7 ملايين من سبورتينغ لشبونة)، عدا عن ساخو وموزيس ومونيليه، لكن الكارثة الأكبر جاءت عندما أضاع رودجرز الأموال التي تقاضاها من انتقال سواريز (نحو 75 مليون جنيه) هباء الصيف الماضي، فجلب لالانا بقيمة 25 مليون جنيه من ساوثهامبتون، وضم إليه زميلاه لامبيرت (4 ملايين)، وقلب الدفاع لوفرين (20 مليوناً)، على اعتبار أن أسلوب لعب ساوثهامبتون أقرب إلى أسلوب لعب فريقه، وأضاف إليهم الجناح الصاعد لازار ماركوفيتش (20 مليوناً من بنفيكا)، وإيمري شان (10 ملايين من باير ليفركوزن)، وألبرتو مورينو الذي قد يحل مشكلة الظهير الأيسر من أشبيلية بـ12 مليوناً، قبل أن يتوج نخبة الجدد بالموهبة الإيطالية ماريو بالوتيلي بـ16 مليوناً من ميلان، التي وصفها البعض في الصحافة الإيطالية بأنها أفضل صفقة ينجزها ميلان في تاريخه، لأنه تخلص من أعبائه ومشكلاته داخل الملعب وخارجه. الفشل الذريع كان نصيب هؤلاء الجدد من دون أي استثناء، إضافة إلى الهبوط الحاد في مستوى ولياقة القائد ستيفن جيرارد، الذي لم يعد قادراً على اللعب في مركز الارتكاز أو في مركز صانع الألعاب المتأخر مثل بيرلو مع إيطاليا وميلان، ولم يعد مؤثراً بما يكفي كصانع ألعاب، ولهذا طلب رودجرز من إدارة ناديه عدم تجديد عقد الأسطورة، على رغم أنه يبدو وكأنه يتوسط بين الاثنين كي يحظى جيرارد (34 عاماً) بعقد يليق به، لكن الإدارة عرضت نصف ما يتقاضاه القائد، ما يعني بطريقة مهذبة: ارحل إلى الدوري الأميركي. كثيرون من أنصار ليفربول باتوا يطالبون برحيل رودجرز خلال البرامج الرياضية والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، على رغم أن رصيد رودجرز كبير بفضل ما حققه الموسم الماضي، وهو ما سيشفع له حتى نهاية الموسم مهما حصل.