في صورة متكرّرة، شدّد التقرير الخامس لـ «اللجنة الدوليّة عن تغيّر المناخ» على اتفاق العلماء على ضرورة ضبط الزيادة في درجة حرارة الأرض، بما لا يتجاوز درجتين مئويتين عن نهاية القرن الجاري، بل أنه اعتبر هاتين الدرجتين حدّاً أقصى مسموحاً به، وإلا تدفّقت كوارث المناخ بصورة منفلتة. وبديهي أن يثور سؤال عن هاتين الدرجتين المئويتين، والاجراءات التي ينبغي اتخاذها للانضباط تحت سقفهما؟ ووفق التقرير، ثمة اجراء لا خلاف عليه: ضرورة خفْض الانبعاثات العالمية لغاز ثاني أوكسيد الكربون في شكل كبير، مع ملاحظة أن الوقود الأحفوري يمثّل المصدر الرئيسي لهذا الغاز الذي يصدر أيضاً عن معظم النباتات والحيوانات! لم نخسر... ليس بعد مع تشديد هذا التقرير عن التكيّف مع المتغيّر المناخي، ثار في كثير من الأذهان سؤال عما إذا كان البشر خسروا معركة تغيّر المناخ (بمعنى العودة به إلى ما كانه عند النصف الثاني من القرن التاسع عشر)، بما حتّم الاكتفاء بالتكيّف واقعيّاً مع المناخ. في المقابل، من المستطاع فهم التشديد الواقعي على التكيّف في ظل الاخفاقات المتواصلة التي واكبت مؤتمرات الأمم المتحدة عن المناخ، منذ «بروتوكول كيوتو» في العام 1997. ومع كل اخفاق، كانت الأهداف المرجو تحقيقها بغية إحداث تغيير إيجابي في المناخ، تتراجع خطوة إلى الخلف. ولعل هذا ما دفع مُعدّي التقرير الخامس إلى التركيز على أهداف أكثر واقعية، لكنها تخدم أيضاً الهدف العام المتمثّل في وقف التدهوّر في المناخ وإبطاء وتــيرة الارتفاع المتواصل في حرارة الأرض، على طريق التمكّن من تغيير المناخ بصورة إيجابية.