×
محافظة المنطقة الشرقية

إرهابيو العوامية يغدرون برجل مرور

صورة الخبر

صفحات – المربد – بجريدة «اليوم» كانت منارة فكرية واسعة لا لاثراء الحركة الثقافية بالمملكة فحسب، بل كانت لها تداعياتها المحسوبة لاثراء تلك الحركة في عالمنا العربي كله، فتلك المرحلة التي عايشتها كانت مرحلة هامة للغاية، تمثل كما أرى – منعطفا – هاما من المنعطفات الثقافية العربية التي كان لها تأثيرها الواضح على الحركة الفكرية التي كنا نتابعها وقتذاك، وما زالت تحتفظ بامتداداتها حتى اليوم. كانت تلك الصفحات المؤثرة تتعايش ايجابا مع كل المراحل الثقافية في عالمنا العربي، وكان من روادها وقتذاك – ان لم تخن الذاكرة – أساتذة كبار أمثال الأستاذ محمد العلي ومحمد القيسي وعبدالكريم السبعاوي وعلي الدميني والدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي وغيرهم ممن قد لا تحضرني أسماؤهم، فعقولنا أضحت في هذا الزمن – الإلكتروني – أشبه ما تكون بـ - الغرابيل - قد تفوتها أشياء كثيرة، وقد تعلق بها بعض الأشياء. تلك الأيام، أعني أيام تلك الصفحات الثقافية المتميزة، كانت جميلة وهائلة طغت فيها مناخات الثقافة العربية بكل ألوانها وأطيافها، تمثلت فيها عدة مستويات فكرية بأساليب متميزة اقترب منها مبدعوها من الأساتذة الذين ذكرت أسماؤهم وغيرهم من الأساتذة الى درجات متقدمة من الابداع الفكري الذي شهد لهم به أدباء المملكة وغيرهم من الأدباء في عالمنا العربي الكبير. كان السائد في تلك الصفحات مجموعة من الأفكار المتداولة على الساحة العربية بطريقة شمولية، وهذا أمر يكاد يشعر به من عايش تلك الفترة بالفعل، فثمة أجواء من – الغربلة – ان جاز القول لكل الاتجاهات الثقافية العربية السائدة وقتذاك، وتفعيل أدوارها على تلك الصفحات المتميزة من المربد. أظن أن تلك الصفحات كانت تمثل مدرسة ثقافية هامة لا بد من توثيقها والرجوع الى كل تفاصيلها وجزئياتها، فهي مرحلة هامة من المراحل التي مرت بها صحيفة – اليوم – رغم قلة الامكانات المادية التي لم تكن تمثل حائلا دون وصول أصواتها الجميلة الى معظم أقطارنا العربية، وكان لتلك الصفحات متابعوها داخل المملكة وخارجها، وأذكر – ان لم تخن الذاكرة أيضا – أننا كنا نتلقى ردود فعل ايجابية لما يكتب في صفحات المربد وقتذاك من ارهاصات ثقافية كان لها أثرها الفاعل في اثراء الحركة الفكرية العربية بشكل عام، وهذا أمر يذكر لتلك الصفحات ويشكر لروادها الذين مازالوا على قيد الحياة، ويتذكرون دون أدنى شك تلك المناخات الثقافية الرائعة التي أثروا من خلالها على الحركة الفكرية العربية وقتذاك، وأثروا على اتجاهاتها ومدارسها. أظن من وجهة نظري أن تلك الصفحات – المربدية – ان جاز الوصف كانت أشبه ما تكون بالانطلاقات الفكرية المبدعة في زمن قل فيه الابداع، وقد اتضح ذلك من خلال تلك الارهاصات الأدبية المتميزة التي كان لها وقعها المؤثر على الساحة الفكرية العربية بشكل عام وعلى الساحة الفكرية السعودية بشكل خاص، فكانت الهموم الفكرية تطرح تباعا على تلك الصفحات، وكان روادها – يشنون – الحروب على بعضهم البعض على طريقة – اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية – فالأطروحات كانت مختلفة بالفعل ومتفقة أحيانا، واختلاف الآراء في عالم الثقافة الواسع أدى الى نجاح صفحات – المربد – وقتذاك وتحقيقها أغراضا هامة كان على رأسها التعرف على الأصوات الثقافية البارزة وقتذاك وكيفية التحاور معها. ولا شك أن ردود الفعل التي كانت ترد الى المطبوعة من كل حدب وصوب استحسانا للأجواء المخيمة على تلك الصفحات كان لها أثرها المحمود في تقارب المثقفين العرب والوقوف على أصواتهم ومعرفة اتجاهاتهم الثقافية المتعددة، وكانت تلك الصفحات تموج بنشاط ثقافي متميز، وتفرز سلسلة من العلاقات المتميزة بين المفكرين العرب، وأذكر أننا نشرنا في ذلك الوقت ردود فعل ايجابية على تلك الصفحات الرائعة، وكان الأجمل من ذلك هو تلاحم الأدباء في الداخل مع تلك الردود المنشورة من خارج المملكة. هي أيام جميلة ومشرقة تمخضت عن علاقات جدلية متعددة أظن أنها خدمت الحركة الثقافية وقتذاك خدمة لا يمكن أن تنسى بأي حال من الأحوال تحفها ألوان من الأصوات المتميزة والمتمايزة، وقد حفلت تلك الصفحات بانتاج شعري هام، وليس بخاف أن معظم اشعار الأستاذ محمد العلي نشرت في تلك الأيام، وكان لها وقعها المؤثر الذي لا يزال قائما حتى اليوم في نفوس وقلوب وعقول متذوقي أشعاره. ولعلي أذكر في هذا المقام تلك – المعارك الأدبية – الطاحنة التي كانت تدور رحاها بين الأستاذ محمد العلي والشاعر الراحل الوزير الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي، وكنت وقتذاك أقوم بأعمال رئيس التحرير بالمطبوعة، وقد عايشت تلك المعارك الأدبية وتأثرت بها، وأذكر أنها استمرت بين الأستاذين العلي والقصيبي أكثر من سنة كاملة، وقد نشرت تلك المعارك على صفحات المربد، ولم تتوقف الا لظروف انتقال الدكتور القصيبي من المنطقة الشرقية الى الرياض حيث عين وزيرا للصحة وقتذاك. أحمل العديد من الذكريات الجميلة التي عايشتها أثناء اصدار تلك الصفحات – المربدية – الرائعة، فهي كانت تحمل بالفعل الهموم الفكرية للمثقفين العرب وتطرح مختلف أفكارهم البناءة وتطلعاتهم المنشودة نحو بناء مجتمعاتهم العربية بصورة أمثل وأفضل، وكما كان للشعر نصيبه الوافر على تلك الصفحات فان النقد لم يكن غائبا عنها، كما أن الفنون الأدبية الأخرى كالرواية والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والمسرح وغيرها من الفنون الأدبية كانت ماثلة أيضا على صفحات المربد. انها أيام أتمنى لو تعود من جديد، غير أن عودتها غير متاحة كما قال عمنا أبو الطيب : ما كل مايتمنى المرء يدركه تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن غير أنني أعزي نفسي بتلك الذكريات الجميلة التي أحملها عن المربد، وعن العلاقات الحميمية التي كانت تربطني باللاعبين – ان صح التشبيه – على تلك الصفحات الرائدة، فالمربد كان مدرسة بالفعل تخرج منها الكثيرون من الأدباء واستفادوا من ارهاصاتها المؤثرة، وكانت تمثل حلقة وصل حقيقية بين أدباء الداخل وأدباء المنطقة العربية في كل الأقطار والأمصار، وقد استفاد الجميع من تلك الحلقة الهامة التي لا أظن أن عودة تياراتها الجميلة من جديد أمر متاح في وقتنا الحاضر.