شرفني وزيرنا سمو الأمير خالد الفيصل بقراءة مقالي عن شهيدة التعليم المعلمة "ريم النهاري" - رحمها الله- وأبلغني الأستاذ عبدالله الحارثي مدير مكتب سمو الوزير أن الوزارة بصدد اتخاذ الإجراءات الرسمية المناسبة لتسمية مدرسة باسم "ريم". في الواقع أن سمو الأمير سبق له تقديم العزاء في "ريم" وزيارة أهلها في منزلهم بصفته أميراً لمنطقة مكة مكان الحريق، ويبدو أن سمو الأمير أراد إكرامها بوصفه وزيراً للتعليم عبر رفعه للقيادات العليا بتسمية مدرسة باسمها، ولقد حمل هذا تأثيراً بالغاً على نفسي ككاتبة وعلى أنفس الزملاء المعلمين والمعلمات، وجب التنويه به وذكره، ولعله بادرة خير لحل إشكالات عديدة تحوط علاقة وزارة التربية والتعليم بمعلميها، وخاصة أن المعلمين يتحدثون حالياً عن توكيل محامٍ لرفع قضية الدرجة المستحقة من جديد والتي لا أشك في أنها قد لا تتكلل بالنجاح، وقد يخسر المعلمون جهدهم ومالهم فيها كما أنهم سيخسرون الأهم وهو وقتهم الذي لا بد أن يصرف لطلابهم وعملهم. إن الوزارة الحالية ليست من تسبب في هذه القضية، ولا هي من حلها جزئياً وترك المواضيع عالقة هكذا، لكن لعلها تكون الوزارة التي تحل هذه القضية وترفع درجة رضا 180 ألف معلم ومعلمة عن وزارتهم، ممّا يحقق ارتفاعاً في الأداء لن تحققه آلاف البرامج الإثرائية أو التدريبية، وخاصة أن الوزارة السابقة سبق أن حلت قضية المعلمين والمعلمات في القطاع الخاص ومنحتهم درجاتهم وتركت من كان يعمل فيها على بند 105، فلعل وزارة اليوم تلحق هؤلاء بهؤلاء. لدى المعلمين والمعلمات قضايا أخرى يستحق الأمر عرضها على سمو الوزير، وأولها تلك القرارات التي تصدر يومياً عن تطوير التعليم دون مراعاة لأعداد المعلمين أو مدى استعداد البيئة المدرسية لتطبيقها، فقرار مثل النظام الفصلي وما يتبعه من مطالبة الطالب بسبعة عشر مشروعاً (عدد مواد الصف الأول الثانوي) في مبنى مدرسي لا توجد فيه مكتبة أو شبكة نت مجانية أو يوم دراسي فيه ساعات مكتبية يستفيد منها الطالب في كتابة بحثه والمعلم في مراجعة أبحاث ومشاريع طلابه، يجعل القرار بعيداً عن تحقيق أهدافه. أيضاً المعلمون يعانون الحيرة بخصوص قرارات الوزارة، مثلاً هي طبقت من قبل نظام المقررات وثبت نجاحه نسبياً، فلمَ ألغته واستبدلته بنظام فصلي لم يتم تجريبه، بل طبق على الجميع وشكّل مفاجأة للمعلمين والمعلمات، رغم تعقيدات تفصيلاته التي لا تحلها دورة خلال العام الدراسي أو دورتان تخرج المعلم من مدرسته في وقت هو ملزم بجدول متضخم يكاد يفتك به؟ المناوبة اليومية التي تلزم بها المعلم والمعلمة والتي تنتهي في أحيان كثيرة الرابعة عصراً أو الخامسة - لم يسمع المعلمون عن معالجة لوضعها في وسط تسيب كبير من قبل أولياء الأمور الذين يتركون أبناءهم وهم واثقون أن هناك معلمة ستترك بيتها أو معلما سينتظر متى ينتهون من أعمالهم ويتذكرون أبناءهم ليأتوا لأخذهم. أيام العودة والأيام التي تلي الاختبارات حتى الآن لا يتم استغلالها في الدورات والإعداد للعام الدراسي وتدريب المعلم على المستجدات، ممّا يجعل الأمور تبدو كأنها تسير بتخبط مفزع. التأمين الطبي أو مستشفى المعلمين الحلم الذي يحلم به المعلم ويجده يتحقق لغيره من منسوبي الوزارات الأخرى، وهو - أي المعلم- أحد بناة الوطن وحراسه يُترك ليقف في طوابير الانتظار في المستشفيات العامة، ثم يجد أن الطبيب الذي سيعالجه هو تلميذ سابق له، ممّا يدفع بسؤال: كيف لا تكرمون معلم الأطباء والمهندسين وجنود الوطن وقواده وتضمنون له عناية كريمة تليق بشرف مهنته وما أفنى شبابه فيه. في الحقيقة أن المعلم لا يطالب بكثير، وكل ما يريده هو إما حق له أو وسيلة لإصلاح عمله ومساعدته على الإبداع فيه، لكن عندما يجد أنه مغيب عن القرار التعليمي وآخر من يعلم به، ومغيب عن كل وسيلة ترفع مكانته وتقدره يندفع نحو التسرب إلى جهات أخرى أو التقاعد المبكر، وقد أعلنت مؤسسة التقاعد أرقام المعلمين والمعلمات المتقاعدين تقاعداً مبكراً، ممّا شكل صدمة حقيقية للجميع، فخسارة الخبرات ليست شيئاً سهلاً لأي مؤسسة ترغب في التفوق. إن وزارة التربية والتعليم اليوم يقودها رجل استثنائي نعرف آثار عمله جيداً في عسير وفي منطقة مكة، ولن يكون صعباً مطلقاً أن تحل كل قضايا المعلمين والمعلمات على يديه وتنتهي جميع إشكالاتهم مع وزارتهم ليقوموا بواجبهم نحو مستقبل المملكة فتيانه وفتياته.