×
محافظة المدينة المنورة

«تعليم المدينة المنورة» تحث المعلمين على التمسك بـ «العربية»

صورة الخبر

بدأت حالة الفرح والبهجة التي هيمنت على الإعلام البريطاني نتيجة تراجع أسعار النفط تتآكل، وارتفعت صرخات التحذير والتنبيه من أن تهيمن رؤية واحدة في التعامل مع هذه القضية الحيوية، وأن ينحصر الموضوع في مكاسب آنية تعود على المستهلكين نتيجة انخفاض أسعار البنزين والسولار، وأن تتجاهل الحكومة أبعادا أخرى قد يكون لها تداعيات كارثية على صناعة النفط البريطانية ذاتها، إذا ما واصلت أسعاره في الانخفاض. آخر صرخات التحذير من مغبة الوضع الراهن، انطلقت من روبن ألان رئيس جمعية التنقيب المستقلة الذي أعلن أن صناعة النفط البريطانية في بحر الشمال على شفا "الانهيار" نتيجة المستويات السعرية الراهنة، محذرا بأنه لن يكون في وسع هذه الصناعة أن تقوم بأي عملية تنقيب مستقبلية إذا ما انخفضت الأسعار عن 60 دولارا للبرميل، مشيرا إلى أن الاستثمارات ستتراجع خلال عام 2018 /2019 إلى 7.9 مليار استرليني فقط بعد أن بلغت 14.14 مليار استرليني العام الماضي. تيم لانس الخبير النفطي وعضو جمعية التنقيب المستقلة يعتبر أن الأزمة التي تواجه صناعة النفط في بريطانيا، ربما تكون الأخطر في تاريخها، ولربما تضع علامات استفهام حقيقية على قدرتها على المنافسة والبقاء. وأضاف لانس لـ "الاقتصادية"، أنه قبل عام من الآن لم يكن من المتوقع أن ينخفض سعر البترول بهذا الشكل، وعلينا أن نتذكر أن الاستفتاء الخاص بانفصال إسكتلندا، الذي تم قبل شهور لم يتحدث أو يتنبأ فيه أحد بتراجع أسعار النفط، ولهذا فإن الشركات حتى الآن تلجأ للأساليب التقليدية لمواجهة أزمتها الحالية، فالجميع يقوم بتخفيض ميزانيات العام المقبل، ولن يكون أمامهم غير تقليص عدد العاملين وإغلاق أقسام والتخلي عن مشروعات على أمل خفض التكاليف. وبالفعل، فإن نحو 1300 متعاقد في شركات النفط في بحر الشمال قد تم إبلاغهم من قبل مجموعة "وود بي إس إن" بأنه سيتم خفض رواتبهم بنحو 10 في المائة في نهاية شهر كانون الثاني (يناير) المقبل، كما أن ثلث عدد العاملين في المجموعة والبالغ عددهم 12000 موظف سيتم تجميد رواتبهم. وحذر تقرير بريطاني من أن صناعة النفط والغاز في بحر الشمال قد تخسر خلال السنوات الخمس المقبلة نحو 35000 وظيفة نتيجة تراجع أسعار النفط، وهو ما يمثل نحو 10 في المائة من قوة العمل لديها، ويشير التقرير إلى أن أعداد العاملين في هذا القطاع الحيوي قد يتراجع من 375 ألفا حاليا إلى 340 ألفا بحلول عام 2019. وأوضح بيتر دان من الاتحاد العام لنقابات العمال في بريطانيا لـ "الاقتصادية"، أن ردود الفعل الإعلامية حول تقليص عدد العاملين في صناعة النفط البريطانية لا تبدو حادة حتى الآن، وذلك لأن جزءا كبيرا من العاملين في هذه الصناعة ليسوا دائمين، وإنما متعاقدون لفترات محددة، ولذلك لا يتم تجديد عقودهم ولا يسلط الضوء الإعلامي على مأساتهم، ولكن عندما يمس الأمر العمال والموظفين أصحاب العقود الدائمة، وهذا متوقع إذا ما واصلت أسعار النفط الانخفاض، فإن القضية ستأخذ أبعادا اجتماعية أخرى. ويعتقد عدد من الاقتصاديين أن تقليص عدد العاملين في قطاع النفط والغاز البريطاني مشكلة، ولكن من وجهة نظرهم، فإن المشكلة الأكبر تتعلق بقدرة تلك الصناعة ذاتها على البقاء، فتكلفة إنتاج النفط في حقول بحر الشمال هي من بين أعلى تكاليف الإنتاج في العالم، ويشير هؤلاء إلى أنه عندما كان سعر برميل خام برنت 100 دولار للبرميل، فإنه كان بالنسبة لعديد من تلك الشركات سعر "مقبول"، ومع هذا فإن الأمر كان يتطلب منها تطبيق كثيف لبرامج "التكلفة الفعالة" وتعاون على نطاق واسع بين مختلف الشركات النفطية لاستخدام أفضل أساليب الإنتاج لتحقيق ربحية ملائمة للجميع، ولا شك أن الوضع الآن أصبح أسوأ بكثير. الدكتور دان هنري خبير الصناعات النفطية والاستشاري السابق في شركة شل يعتقد أن هناك مشكلة مركبة تواجه صناعة النفط البريطانية الآن، ويصف تلك المشكلة لـ"الاقتصادية"، بأن العام الماضي شاهد أرقاماً قياسية في معدلات الاستثمار في مجال النفط في بحر الشمال، فلم يحفر غير 15 حقلا، بينما ارتفعت التكلفة بنحو 15 في المائة، وقد اعتمدت شركات النفط في تمويل ذلك على القروض البنكية، والآن عليها السداد. وأضاف أنه بالرغم من أن أسعار الفائدة لا تزال منخفضة ويتوقع ألا ترتفع قريبا، إلا أن معدلات الربحية لشركات النفط في بحر الشمال عند حدودها الدنيا، وفي الأغلب ستكون معدلات الربح لأصحاب أسهم شركات نفط بحر الشمال شبه غائبة خلال الفترة المقبلة، وهذا يعني تراجع أسعار هذه الأسهم في البورصة، واقتصاديا يحمل ذلك إمكانية إفلاس بعض هذه الشركات إذا ما واصل النفط انخفاضه. وحول إمكانية الخروج من هذه الأزمة عبر قيام الحكومة بتقديم تسهيلات مالية أو تخفيضات ضريبية للشركات النفطية، يعتقد دكتور دان أن هذا سيدخل في إطار المسكنات أو المهدئات وقد يطيل أمد بعض الشركات ويمنعها من الانهيار السريع، ولكن إذا لم يكن هناك حلول جذرية، وهي أن يعود سعر النفط للارتفاع مجددا، فإن مصير صناعة النفط في بريطانيا محاط بالكثير من علامات الاستفهام. وبلغت المخاوف حول مصير شركات نفط بحر الشمال بـ"جاك مولي" وهو رئيس اتحاد شركات النفط والغاز البريطانية، إلى تحذير الحكومة من أن الصناعة "تذوب"، وأنها قد تلقى مصير صناعة الفحم البريطانية بحيث تصبح في عداد الماضي. وربما تجد تلك الصرخة أصداء لها في اهتمام الحكومة بما يحدث في صناعة النفط، خاصة مع التراجع المستمر في إنتاج النفط والغاز في المملكة المتحدة منذ عام 1999، وإذا أفلحت الاستثمارات الكثيفة التي تمت العام الماضي في الحد من هذا التراجع نسبيا، فإنه من المشكوك فيه الآن أن تفلح لندن في منع إنتاجها من البترول في التراجع مرة أخرى في ظل إحجام المستثمرين عن الاستثمار في هذا القطاع ، نظرا لارتفاع تكاليف الإنتاج، وانخفاض معدلات الربحية نتيجة التدهور المستمر في أسعار النفط.