عندما زار صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – جامعة الملك فيصل بالهفوف كنت حينها في موقع رئاسة لجنة التشريفات، وقد لاحظت خلال الحوار مع أعضاء هيئة التدريس أن سمو الأمير يركز في كلماته على نقاط عدة أبرزها: الدين والعقيدة والوطن والاخلاص والسعودة، وهي مفاهيم حاول ان يوصلها للحضور وقد لامست جوارحهم وقلوبهم، ومما لفت الحضور موقفه الأخير عندما نزل من منصة الحفل وذهب يسلم بنفسه على أعضاء هيئة التدريس السعوديين فردا فردا، وقد كان مغتبطا - يرحمه الله - وكأنني وأنا أكتب هذه الكلمات أرى بشائر السرور تغطي وجهه، وحين تدافع رجال الأمن لعمل سياج نهاهم عن ذلك، وقال: ابتعدوا، فأكبر الجميع ذلك، وكأن الأيام - سبحان الله - تعود مرة أخرى، ولكن بالدمام في احتفالية الخمسين عاما على تدشين صحيفة (اليوم) مع ابنه الأكبر صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية – حفظه الله – حين ترك كرسي جلوسه بالقاعة وصعد بنفسه الى المنصة لإلقاء كلمته، وهو مما يشار اليه، وما يدل على تواضع جم منه، وكذلك عندما جمع مفاتيح كلماته ومن محاورها: الدين وحب الوطن والدفاع عنه والقيادة والنقد الهادف المصلح، ومع نهاية الحفل وبعد مراسم توزيع الدروع التذكارية نزل من المنصة وبنفس الأسلوب الذي كان عليه والد الجميع - يرحمه الله - ترجّل بهدوء وسلم على الصغير قبل الكبير، وعلى كل واحد يلقاه أمامه، حتى أن يدي لم تشأ أن تغادر يده الكريمة وشعرت بود وأخوية أكبر، وأنه يريد قول أشياء لم ينطقها لسانه، واختزلتها ملامحه، وللأمانة فأبوه وهو جامعة فريدة تعلمنا منها ولو لبرهة التالي: أولا: حب الدين والذود عن الوطن، وان الوطن – كما قال - ما لنا غنى عنه، وهو لنا اذا ما دافعنا عنه، فمن سيقوم بذلك وهو للجميع دون استثناء، ونقول له: نحن وأبناؤنا على العهد دوما مخلصين لله وللمليك والوطن. ثانيا: ان السعودة كما كانت هي حلم سمو الأمير نايف – يرحمه الله – آنذاك، فقد رآها على الواقع ابنه، فما زرع قد نال قطافها، وها نحن نرى ونسمع توطين المؤسسات الخاصة والعامة وتوظيف النساء حين بلغ أشواطا متقدمة، فله من الجميع الدعاء والغفران.. آمين. ثالثا: الأمر اللافت الآخر هو الرسالة التي أراد أن يوصلها سمو أمير المنطقة الشرقية – حفظه الله – للاعلاميين ورجال القلم بالمملكة، عندما تحدث اليهم بشفافية وبدون ورقة مسبقة على قاعدة أصيلة أسمعها لأول مرة حين قال: إنني أرحب بالنقد الهادف الذي يخدم الصالح العام وأشكر من أهدى لنا عيوبنا، وان قلوبنا وبيوتنا مفتوحة لمن أرشدنا لأن الوطن لا يخدمه الا أبناؤه وهو لهم. وقبل الختام أردت ها هنا أن أسوغ هذه لطالبات وطلاب الوطن في التعليم العام والعالي أينما كانوا على هذه الأصول، وأنها دلائل محبة الله والناس والعمل المخلص دون تعال، وهذا ما نفتقده عند الصغار عندما يغضبون مما نكتب، وهي رسالتنا حملناها أمام الله تعالى والوطن. وفي الختام لا يبقى للانسان الا الذكر الصالح، فما قاله وما عمله وما كتبه سيتذكره الناس أجيالا تتوالى؛ لأن الخير لا ينسى أبدا، ولأن كلمة الحق والصواب والحكمة يصدحون بها، ولا يُمل من تردادها كالنهر الطيب لا ينضب أبدا.