×
محافظة المنطقة الشرقية

بوابة إلكترونية للتعرف على الأجهزة الكهربائية الأقل في استهلاك الطاقة

صورة الخبر

يعتقد الكثيرون أن دور الجامعات يقتصر على توفير الخدمات التعليمية للطلاب وتأهيلهم للانخراط بكفاءة في سوق العمل، لكن هذا الدور هو مجرد جزء من رسالة الجامعة التي تسعى من خلالها لخدمة المجتمع وتطوير أبنائه، أما الجزء الآخر والأهم هو أن الجامعات مراكز بحثية لتطوير العلوم في شتى المجالات، ذلك أن قيامها وتمسكها بهذا الدور يضمن لها جودة العملية التعليمية من خلال الصقل المستمر لقدرات أعضاء هيئة التدريس، ناهيك عن التطوير المستمر لكافة مرافق المجتمع والوصول به نحو العالمية. في الغالب الأعم فإن المراكز البحثية الحكومية تعاني من نقص التمويل الكافي، ويندر أن تتمتع بتمويل بحثي سخي يفي بكافة متطلباتها حتى في أشد الدول تقدما وثراء وأكثرها اهتماما بالعلم وتطبيقاته، ولو قصرنا حديثنا هنا على بيئة التعليم والأبحاث السعودية، فسنجد أن غالبية الجامعات السعودية جامعات حكومية توفر خدماتها التعليمية مجانا، كما أن الموازنات المخصصة للجامعات -والتي يعتبرها البعض موازنات مليارية- تفي بالكاد بالمتطلبات الأساسية للجامعة، من رواتب الأكاديميين والإداريين ومكافآت الطلاب وتكاليف صيانة المرافق الأساسية، وفي حالة تبقي جزء يسير من هذه المبالغ، فإنها عادة ما توجه لبناء المزيد من المرافق لمساعدتها على استيعاب الزيادة المطردة في أعداد الطلاب. قد يظن بعض العامة أن عجز الجامعات عن القيام بدورها المناط بها في البحث العلمي هو مجرد تقصير وعدم اهتمام من رؤساء الجامعات والهيئات التعليمية، بيد أن الأمر ليس كذلك بطبيعة الحال، فرئيس الجامعة ملتزم بالمخصصات المالية المحددة سلفاً من قبل وزارة المالية وما تجود به على تلك المراكز البحثية، ولذلك تلجأ بعض الجامعات إلى استحداث كراسي علمية لتمويل العملية البحثية في مجالات معينة من خلال تبرعات رجال الأعمال أو الشركات العملاقة. ولو عدنا مرة أخرى للواقع السعودي فسنجد أن مجموع مبالغ الكراسي العلمية في جامعة واحدة ضئيل للغاية ولا يتجاوز المائة وخمسين مليون أو مئتي مليون ريال على الأكثر. ولعل الأسباب وراء هذا الفقر المعرفي والعلمي في دعم هذه الكراسي يعود لأسباب عديدة أهمها غياب الوعي والإدراك الكافي لمدى أهمية وجود مثل تلك المراكز، إضافة إلى نقص الشعور بالمسؤولية الاجتماعية. وللتنويه عن أهمية الإنفاق في مجال البحوث والتطوير نورد بعض الأرقام التي ذكرتها مجلة Forbes، حيث بلغت مصاريف البحث العلمي في شركة تويوتا 9.9 مليار دولار في العام 2011، بينما بلغت مصاريف الإنفاق العلمي لشركة مايكروسوفت وسامسونج 9 مليار دولار لكل منهما في نفس العام، كما بلغ إجمالي الإنفاق على البحث العلمي لأعلى 20 شركة وفق تصنيف المجلة 153.6 مليار دولار. ويكفينا الاستدلال على أهمية هذا المجال من خلال مقارنة تلك الأرقام بإجمالي الموازنة المخصصة لكل جامعة لدينا في المملكة. في الواقع، هناك الكثير من القضايا المزمنة في المجتمع والتي تحتاج إلى اهتمام أكثر لدعم مثل هذه الكراسي العلمية، فنحن بحاجة لكرسي علمي للحد من أمراض السرطان ومنعه من التغلغل داخل مجتمعنا، والتي قد تكون بسبب وجود بعض السلع الاستهلاكية المسرطنة، نحن بحاجة إلى كرسي علمي للحد من العنف الأسري المنتشر في المجتمع من خلال تبنيه لمناهج علمية حديثة قائمة على الندوات وورش العمل المتخصصة التي تقوم بالتوعية بهذا المرض الاجتماعي الخطير، وليس من خلال الأبحاث النظرية التقليدية المملة والجافة. نحن بحاجة إلى كرسي علمي في مجال التنمية المستدامة. ما ذكرته هو مجرد أمثلة، فهناك المئات من المجالات العلمية التي يحتاج كل منها لكرسي علمي متخصص يدعم أبحاثه ويساند دراساته، وفي النهاية لا يسعنا سوى أن نناشد القطاع الخاص ليقوم بجزء من مسؤوليته الاجتماعية تجاه مجتمعه، وهو الأمر الذي سيعود بالنفع على الجميع، فتطوير الوعي العلمي والتعليمي والصحي سيسهم بلا شك في تحويل المجتمع لمجتمع آخر بنّاء مفعم بالصحة والحيوية، مقبل على الحاضر والمستقبل يحدوه الطموح ويملؤه الأمل، كما أنه سيسهم كثيرا في تغيير الصورة السائدة وغير المستحبة عن القطاع الخاص ويحسن صورته باعتباره قطاعا بناءً وإيجابيا ويقوم بأداء مسؤولياته وواجباته الاجتماعية والإنسانية على أكمل وجه.