سرعت العملة الروسية أمس تدهورها رغم التدابير الجذرية التي اتخذها البنك المركزي الروسي، ما يبرز عجز الرئيس فلاديمير بوتين عن احتواء أزمة ذات عواقب كارثية على المواطنين. وانهيار الروبل بوتيرة لم تعرفها البلاد منذ الأزمة المالية الخطيرة عام 1998 هي نتيجة مباشرة للعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغربيون عليها ردا على موقف الرئيس الروسي في الملف الأوكراني، كما أنه يتأثر بتراجع أسعار النفط. وقالت يوليا وهي واقفة في صف انتظار أمام أحد مصارف موسكو "الوضع في البلاد غير مستقر على الإطلاق، وهذا يخيفني كثيرا" مضيفة "أخشى أن نعود إلى الوضع الذي كان سائدا في التسعينيات". وبعدما تراجع الروبل بنحو 10 في المائة أمس الأول، مثيرا صدمة هائلة غير مسبوقة منذ 15 عاما، وصلت خسائر الروبل إلى نحو نصف قيمته إزاء الدولار منذ مطلع العام. وبعدما بات الوضع خارجا تماما عن السيطرة، أعلن البنك المركزي الروسي في منتصف الليل وفي بادرة استثنائية زيادة نسبة فائدته الرئيسية بـ6.5 نقطة إلى 17 في المائة، مقابل 10.5 في المائة حتى ذلك الحين و5.5 في المائة في مطلع السنة. غير أن الارتياح دام أقل من ساعتين في الأسواق وبعدما حقق الروبل ارتفاعا بنسبة 5 في المائة عند افتتاح المداولات، عاد وسرع تدهوره فجأة إلى مستويات قياسية جديدة إذ تراجع بأكثر من 10 في المائة مع ارتفاع اليورو إلى 90 روبل والدولار إلى عتبة تاريخية قدرها 70 روبل. وبموازاة ذلك تراجع مؤشر بورصة موسكو "آر تي إس" 14 في المائة بعدما كان تراجع أمس الأول 10 في المائة. وإن كان قرار البنك المركزي يلبي بعض المخاوف في الأسواق، إلا أن مختصي الاقتصاد في مصرف ألفا الروسي حذروا بأن "المشكلة الرئيسية هي استعادة ثقة المواطنين الذين يقبلون بشكل متزايد على تحويل مدخراتهم إلى اليورو". وبات المواطنون يشعرون بوطأة تراجع العملة الوطنية. فارتفاع الأسعار يقارب 10 في المائة على مدى عام وينذر بمزيد من الارتفاع. وظهرت مجددا هذا الأسبوع تسعيرات بالعملات الأجنبية في بعض المتاجر، من النوع الذي كان منتشرا في التسعينيات. واقتصر رد السلطات وفي طليعتها البنك المركزي على الدعوة إلى الصبر. وحذرت رئيسة البنك المركزي الفيرا نبيولينا عبر التلفزيون بأن عودة الروبل إلى مستوى يتماشى مع أسس الاقتصاد "سيستغرق وقتا". وأيد وزير المال السابق أليكسي كودرين الذي يحظى باحترام الأوساط المالية، رفع معدل الفائدة لكنه شدد على وجوب "استتباع ذلك بقرارات حكومية لزيادة ثقة المستثمرين بالاقتصاد الروسي". على صعيد آخر ذكر مختصو الاقتصاد في مكتب كابيتال ايكونوميكس في لندن أن استراتيجية البنك المركزي يترتب عنها ثمن هو "تشديد جديد في شروط القروض للاسر والشركات وتراجع اكبر في الاقتصاد الفعلي عام 2015".