توقع مسؤول كويتي رفيع أن تلجأ الحكومة الكويتية إلى الاحتياطي العام أو الاقتراض من السوق التجارية لتمويل مشاريع التنمية، وقال إن مستوى 60 دولارا لبرميل النفط يعني أن الكويت ستسجل عجزا في موازنة العام المقبل. أنس الصالح وزير المالية الكويتي متحدثا في ملتقى للشركات الصغيرة والمتوسطة أمس. "كونا" وأكد أنس الصالح وزير المالية الكويتي التزام الحكومة بتنفيذ مشاريع الخطة الإنمائية ومواجهة العجز المتوقع إثر تراجع أسعار النفط العالمية. وأضاف أن العام المقبل سيكون محوريا لتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإطلاق أكثر من مشروع تنموي. وأوضح الوزير الكويتي أن مواجهة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية ستكون من خلال محورين، الأول تفعيل مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الخطة الإنمائية والثاني اللجوء من الاحتياطي العام أو الاقتراض التجاري. وأضاف أن هذا يتم "عبر إعداد مفاضلة تراعي العائد الأفضل على المال العام". وذكر الصالح للصحافيين في تصريحات نقلتها وكالة رويترز، على هامش افتتاح ملتقى الكويت للمشاريع الصغيرة والمتوسطة أمس: "من المؤكد أنه إذا كان سعر برميل النفط 60 دولارا فسنواجه عجزا في الميزانية". لكنه أكد أن تراجع أسعار النفط "فرصة لتنفيذ إصلاحات اقتصادية مطلوبة تأخرت كثيرا"، مشيرا إلى حزمة من القرارات التشريعية يتم العمل على إقرارها "لعلاج الاختلالات في عصب الاقتصاد الوطني". وأكد أن الكويت "لن تترك انخفاض أسعار النفط ينعكس سلبا على قدرتها في تنفيذ المشاريع، وستفاضل وتدرس حاليا بين آليات تمويل هذه المشاريع". وذكر أن متوسط 60 دولارا للبرميل قد يكون الرقم الأقرب لإعداد الميزانية أن هذا الإجراء متروك للمباحثات والاجتماعات التي ستبت في هذا الأمر خلال الأسبوع المقبل. وقال الصالح "من الطبيعي أن أي دولة تعتمد في إيراداتها بشكل أساسي على النفط أن تتأثر بتراجعات الأسعار"، لكنه أكد في الوقت ذاته أن "السياسات التنموية للحكومة الكويتية لن تتغير من جراء هذه التراجعات". تعليقا على ذلك قال لـ"الاقتصادية" الدكتور عبدالعزيز التركي المختص الكويتي في التخطيط الاستراتيجي: إنه حان الوقت بالفعل للكويت وبقية دول الخليج لمواجهة انخفاض مستويات أسعار النفط، عبر تفعيل الاستراتيجيات التي وضعت خلال السنوات الماضية والرامية لتنويع مصادر الدخل لهذه الدول. وأضاف "تنويع مصادر الدخل الحل الأمثل لتجنيب ميزانية دول المجلس أي انعكاس سلبي بسبب انخفاض أسعار النفط مستقبلا". وتابع "يجب الاعتماد على الصناعة النفطية ليس للتصدير فقط، بل هناك صناعات أخرى يمكن أن تكون مكلمة لها، ويجب الاستفادة من براميل النفط في التصدير الداخلي سواء في صناعة البتروكيماويات أو غيرها". وقال إن أي معالجة خليجية للوضع ستكون "وقتية وارتجالية" إذا كانت من خلال فرض ضرائب جديدة أو زيادة أسعار الخدمات. وأضاف "هناك استراتيجيات وضعت في السباق لتنويع مصادر الدخل وحان الوقت لتفعيلها بعد أن تخلت دول الخليج عنها سابقا بسبب ارتفاع أسعار النفط وتحقيق فوائض مالية ضخمة لم تستثمر بالشكل المطلوب". وتابع التركي "لا بد من نظرة مستقبلية واستراتيجية لكل دولة خليجية، من خلال الاستثمار في الداخل، وتنويع مصادر الدخل من خلال الاعتماد على الصناعة بشكل عام والصناعة النفطية بشكل خاص وليس فقط استخراجه وتصديره". واعتبر أن وضع أسعار النفط الحالي سيحتم على دول الخليج "تبني سياسيات وميزانيات متحفظة للغاية في السنوات المقبلة"، مضيفا "هذا الأمر كان من المفترض تطبيقه بالتوازي مع أسعار النفط المرتفعة واستثمار الفوائض في ذلك". من جهته، قال لـ"الاقتصادية" حجاج بوخضور المحلل الكويتي المختص في قطاع النفط، إن استمرار انخفاض الأسعار سيؤدي إلى إلغاء مشاريع تنموية غير ضرورية قائمة أو مستقبلية، كما سيؤثر في تمويل مشاريع التنمية المتعلقة بالصيانة والخدمات. وأضاف "دول كأمريكا وسورية وإيران هي الأكثر الدول تضررا من استمرار انخفاض أسعار النفط. أمريكا تعتبر أكبر متوسع في إنتاج النفط، وانخفاض الأسعار سيؤدي لارتفاع سعر الدولار أمام العملات الأجنبية ما يعني رفع تكاليف المنتجات الأمريكية المُصدَّرة وبالتالي انخفاض تنافسيتها في الأسواق العالمية". وتابع "أيضا سيؤدي هذا لتقليص إنتاج الزيت الصخري الأمريكي. روسيا متأثرة أيضا من انخفاض أسعار النفط، وقد يحدث هذا شرخا في اقتصادها وتماسكها السياسي". وفي إيران قال إنها متأثرة من هذا الوضع بعد عدم التزامها بحصتها النفطية في السوق ودعمها للجماعات الإرهابية في سورية واليمن التي سيطرت على منابع النفط فأوجدت وفرة في المعروض. أما على صعيد الدول المستفيدة من هذا الوضع قال بوخضور "هي الدول الفقيرة والاتحاد الأوروبي، في حين أن دول الخليج تعتبر الأقل المتأثرين من جراء هذا الانخفاض وبالتالي لن يؤثر هذا في موازنة العام المقبل". وكان رئيس لجنة الميزانيات في البرلمان الكويتي عدنان عبدالصمد قال أمس الأول إنه في ضوء التقديرات التي قدمتها الحكومة فإن ميزانية البلاد ستسجل عجزا قدره 2.8 مليار دينار (9.6 مليار دولار) في السنة المالية المقبلة 2015 - 2016 وذلك قبل استقطاع احتياطي الأجيال القادمة. من ناحية أخرى قال أمس حمد المرزوق رئيس اتحاد مصارف الكويت إن مصارف الكويت على استعداد تام لتمويل مشاريع التنمية التي تضطلع بها الدولة في وقت تواجه فيه الحكومة معضلة تمويل بسبب هبوط أسعار النفط. وقال المرزوق للصحافيين على هامش ملتقى الكويت للمشاريع الصغيرة والمتوسطة "قطاع المصارف على استعداد كامل لتمويل خطط التنمية لما يتمتع به هذا القطاع من رأسمال قوي وسيولة عالية". وأضاف "نرى أنه لا بديل عن اللجوء للمصارف المحلية لتمويل خطة التنمية". وتحقق الكويت فائضا في ميزانيتها العامة منذ 1995. وأظهرت أرقام وزارة المالية أن الميزانية حققت فائضا قدره 12.9 مليار دينار (44.8 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية 31 آذار (مارس) الماضي في وقت هبط فيه الإنفاق الحكومي وهو ما يرجع بدرجة كبيرة إلى تراجع الإنفاق الرأسمالي. وتعتمد الكويت في أكثر من 90 في المائة من إيرادات الميزانية على مبيعات النفط الذي هوت أسعاره نحو 45 في المائة منذ حزيران (يونيو). وخلال السنوات القليلة الماضية التي ارتفعت فيها أسعار النفط لأكثر من 100 دولار للبرميل شكلت المطالب المتزايدة من قبل موظفي القطاع العام في الكويت لرفع الرواتب والأجور إحدى المعضلات التي واجهت الحكومة التي كانت تستجيب للكثير منها تحت ضغط الشارع والمطالبات النيابية.