حين بدأت أسعار النفط في النزول، والبورصات في الانهيار، ارتفعت المخاوف، وبدأ كل واحد يدلي بدلوه فيما حدث ويحدث، بل ما سيحدث مستقبلا، حتى أولئك الذين لا يملكون أي خلفية عن أسواق النفط والاقتصاد أصبحوا فجأة من قوم "أبو العريف"! أعترف لكم أني لا أفقه شيئا عن برميل النفط وأسعاره السابقة والحالية واللاحقة، ولكن ما أفقهه جيدا أن هناك هلعا بدأ يسكن في نفوس البعض، وكأن الحياة كلها ستتوقف على "برميل نفط"! في غزوة الخندق كان الصحابة والمسلمون يعانون ظروفا اجتماعية واقتصادية وأمنية بالغة السوء، بطون ربطت من شدة الجوع، أجساد ترتعش من قسوة البرد، أعداء خارجيون يتربصون بهم، ومنافقو مدينة في الداخل يتحينون فرصا للخديعة والغدر، وجيش بلغ عدده عشرة آلاف مقاتل يزحف زحفا بخيله ورجله من كنانة وقريش وأهل تهامة وقبائل غطفان وغيرهم نحو المدينة، وقد كان عدد الجيش نفسه أكثر من عدد أهل المدينة رجالاً ونساء وأطفالا وشيوخا. - في ظل كل هذه الظروف المحبطة يبرز حسن الظن بالله تعالى، فيبشر الحبيب -عليه الصلاة والسلام- المسلمين ببشارة ترفع معنوياتهم وتصل أرواحهم بخالقها، فيحسنون الظن به، يقول البراء -رضي الله عنه- لما كان يوم الخندق عرضت لنا في الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فاشتكينا ذلك لرسول الله، فجاء وأخذ المعول فقال "بسم الله ثم ضرب ضربة وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأنظر إلى قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقال: الله أكبر، أعطيت فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الآن، ثم ضرب الثالثة فقال: بسم الله فقطع بقية الحجر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتح اليمن، والله إني لأبصر صنعاء من مكاني"، انهزم الأحزاب وانتصرت القلة القليلة، لأن حسن الظن بالله قد سكن الأنفس! - بعد خسارتها في الحرب العالمية الثانية والدمار المخيف للقنبلة النووية وندرة الموارد الطبيعية والزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية التي كانت تهددها، أجمع العالم بلا استثناء على أن اليابان لن تشكل أي قوة اقتصادية، ولكن اليابان نهضت ولم تستسلم، بل أصبحت اليوم ثالث قوة اقتصادية على مستوى العالم! - أنا لا أفهم في تقلبات أسعار برميل النفط، لكني أؤمن بأن حسن الظن بالله أقوى من كل تقلبات! وخزة نجاح الشعوب لا يرتبط بالبراميل، بل بالعقول!