بدأ العد التنازلي لإطلاق قناة "العرب" الإخبارية التي يرأس تحريرها الإعلامي الأستاذ جمال خاشقجي، حيث ستعقد القناة مؤتمراً صحفياً غداً الاثنين في العاصمة البحرينية للكشف عن موعد بثها الوشيك وهيكلة برامجها وطبيعة محتواها الذي أكد خاشقجي بأنه سيكون محتوى مختلفاً عن بقية القنوات الإخبارية في شكله وطبيعته وحياديته وفي قربه من الناس. عن هذا المحتوى وعن أمور أخرى تتعلق بالقناة الوليدة يتحدث خاشقجي للرياض: * أولاً دعنا نسألك عن القيمة التي ستضيفها قناة "العرب" للفضاء العربي المزدحم بالقنوات؟ - أصعب شيء أن ندخل على مجال القنوات الإخبارية في مثل هذه السوق المزدحمة. قناة الجزيرة عندما بدأت بثها عام 1996م لم يكن هناك غيرها، وقناة العربية عندما دخلت السوق عام 2003م فلم يكن أمامها سوى "الجزيرة" كمنافس وحيد، أما نحن فندخل هذا المجال وهناك على الأقل خمس قنوات إخبارية عربية متخصصة، فلابد أن نضيف شيئاً مختلفاً كي نقتحم المنافسة بقوة، وأنا أعتقد أن لدينا فرصة كبيرة، فالمشاهد يبحث عن قناة قريبة منه وغير متحيزة وتهتم بشؤونه، لذلك اخترنا "القصة التي تهمك" شعاراً للقناة، حيث سنركز على القصة التي تهم الناس في حياتهم وفي معيشتهم وسنقدم هذه القصة دون انحياز، بمعنى لا تتوقع عندما تشاهد "العرب" أن يكون الخبر ملوناً مع هذا الفريق أو ذاك الفريق، وظيفتنا الإعلامية أن نقدم لك الخبر الذي يعبر عن الاتجاهين أو الثلاثة اتجاهات، وسنوفر الخبرين أو الثلاثة من نفس المكان مع الآراء، وأعتقد أن هذا ما يريده المشاهد. * طيب ألا ترون أن إطلاق قناة تلفزيونية في العصر الرقمي تعتبر مخاطرة نوعاً ما؟ - لا.. صحيح أن الإعلام يمر بثورة هائلة ومتغيرات كثيرة وكبيرة جداً، إلا أنه رغم ذلك يبقى الإعلام هو الإعلام، وليس صحيحاً أن هناك إعلاماً جديداً (أو نيو ميديا)، بل الصحيح أن هناك وسائط جديدة للإعلام "نيو موديم"، والذي اختلف اليوم في الإعلام هو سرعته وفاعليته بفضل تلك الوسائط. اليوم المتلقي يستقبل الخبر في نفس اللحظة بعد أن كان ينتظره في الصحف الورقية في اليوم التالي. الحال اختلف الآن وأصبح يتلقى الخبر وهو جالس وفي ساعته عبر وسائط الإعلام الأخرى مثل التويتر والفيس بوك وغيرها، وأيضاً يأتيه الخبر دون أن يمر على رئيس التحرير، وهذه تحولات كبيرة ندركها ونعي بأننا جزء من هذه التحولات، وسنهتم بها مثلما نهتم بالكاميرات والاستوديوهات، وسيكون لنا صوت على وسائط الإعلام الجديد. * متى ستكون بداية انطلاق البث؟ وكيف ستكون المنافسة مع القنوات المتخصصة في جودة البث ونقاء الصورة؟ لم نقرر إلى هذه اللحظة متى سيكون موعد الاطلاق للبث، ولكن بإذن الله سنعلن عنه غداً في المؤتمر الصحفي الذي سيعقد في المنامة بالبحرين، وفي كل الأحوال فقد أكملنا الاستعدادات للبث واخترنا أحدث التقنيات وتم تجهيز الاستوديوهات لقناة العرب بالأحدث والأفضل، وقد حصلنا قبل أسابيع قليلة على جائزة أجمل أستوديوهات وأفضل تجهيزات لقناة جديدة من (ميدل ايست برود كاست)، فالنواحي التقنية مطمئنة بشكل كبير، ولكن في نهاية الأمر الجانب التقني لن يكون له قيمة إذا لم يكن هناك في موازاته تميز في المحتوى وهذا ما نحرص عليه. * وماذا عن هيكلة البرامج؟ - الهيكل البرامجي لقناة العرب يختلف عن القنوات الأخرى مع اختلاف بعض المواعيد.. وماذا يمكن أن تضيفه في قناة إخبارية غير محتواك؟. لكن المراهنة هي في المساحة التي سنوفرها للقصص والأخبار التي سنتطرق لها، وأنا أعتقد أن وظيفة الإعلام توفير المعلومات قدر الإمكان والحق أن الغير يعملون ذلك أيضاً، وعلى سبيل المثال جريدتكم "الرياض" كصحيفة تعمل هذا الشيء وباحتراف كامل وخير دليل التشكيل الوزاري الجديد وكيف تمت تغطيته من "الرياض" حيث شملت التغطية جميع ما يهم القارئ وبأدق التفاصيل، فالمطلوب إذن وهو توفير المعلومة الصحيحة والصادقة، ونحن سنعمل بنفس الطريقة وسنوفر جميع المعلومات لكل حدث ولكل قصة كما هي وبكل صدق في جميع برامجنا. * تمتلك أغلب القنوات الإخبارية العربية خطابها الفكري الخاص الذي يتبع لتيار معين هل ينطبق ذلك على قناتكم؟ - لا.. هذا خطأ أن يكون للقناة تيار فكري خاص، الأحزاب السياسية يكون لها أجندة خاصة، أما أجندة القناة الإخبارية فهي خدمة "توفير المعلومات"، لكن إذا كان سؤالك عن توجه معين لنا، فنحن توجهنا هو البحث عن حياة أفضل للناس لتشجيعهم على طلب حياة أكرم وأفضل والاهتمام بالقضايا الاجتماعية قبل القضايا السياسية، وهو تحد أميل إليه دائماً، فالقضايا المعيشية هي أم القضايا السياسية، وغالباً ما تستهلكنا السياسة على حساب التنمية. واختصاراً أقول وأؤكد بأنه ليس للقناة توجهات يمينية أو يسارية أو محافظة، قناتنا ملتزمة بمهنية الإعلام وهي وعاء لكل الأفكار ومنصة لكل الأفكار. * وماذا عن ارتباطكم بمجموعة "المملكة".. هل سيلزمكم بتوجهها ويقيد عملكم؟ - الأمير الوليد بن طلال هو مالك القناة وممولها الوحيد، وقد أكد لنا عدة مرات بأن قناة العرب إعلامية إخبارية مستقلة تبحث عن الخبر دون تأثير منه أو من غيره، وإذا كان لسمو الأمير الوليد بن طلال آراء تخص الاقتصاد ومعيشة الناس وغيرها من آرائه في الشأن العام التي يكتبها في تويتر وغيره، فسنهتم بتلك الموضوعات بالتأكيد أنها قضايا وطنية عامة ولها فائدة للجميع، ومن هذا الباب نرى أن أفكار سمو الأمير تساهم في الإصلاح العام وتحسين وتطوير أوضاع المجتمع. وعلى أي حال فلم يتصل بنا الأمير إطلاقاً ليفرض أو يتدخل في اهتمامنا بموضوع معين، لكنه يظل مالك القناة وسيكون المراقب الأول وسيحرص أن تكون لنا الأسبقية في الاهتمام بأي موضوع قبل الآخرين. * هناك قناة إخبارية تصف قتلى فلسطين بالشهداء وأخرى بالقتلى. ماذا عنكم؟ - نحن قناة إخبارية ولسنا منظمة سياسية والشهيد لا يزيد أو ينقص من قدره أن نصفه بالشهيد أو غير ذلك، أجره عند الله سبحانه وتعالى، وسيكون من الظلم أن ننتقي شهداء من هنا وقتلى من هناك ثم نعود ونسميهم في خبر "شهداء" وفي الآخر "قتلى"، عموماً هم قتلى في نهاية الأمر مصداقاً لقول الله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله .... الآية)، فكلمة قتلى والضجة التي أثيرت حولها لن تأتي بفائدة ولن تضيف شيئاً، والقناة المتزنة من المفترض ألا تصف أحداً بالعدو أو الصديق، ونحن في "العرب" عالجنا هذه المسألة واخترنا أن نسمي القتلى ضحايا للعدوان وكلمة ضحايا كلمة محايدة وموضوعية. نحن لسنا حكومة سياسية فالحكومة في أي بلد تستطيع أن تصف جهة ما بالإرهابية، أما نحن فلا نستطيع ذلك، فكل من يسمي نفسه باسم معين سنصفه بذات الاسم وسنعرض الخبر كما هو، لأننا نؤمن بأنه انتهى زمن وزارات الإرشاد القومي. قناتنا قناة إخبارية نسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية دون أن نفرض مسميات خاصة بنا، فعلى سبيل المثال عندما نعرض خبراً معيناً سنقول كما ذكر فلان المتحدث الرسمي أو كما سمى فلان، سواء كان إرهابياً أو مسلحاً كما ذكر هو وما يراه المتحدث نفسه دون تدخل منا، وأعتقد أن هذه هي المهنية في تقديم الخبر. ليس لنا توجه سياسي.. و«معيشة الناس» في صلب اهتمامنا * كيف ستتعاملون مع الملفات الساخنة في العالم العربي الصراع السوري؟ الموقف من الإخوان المسلمين؟ - فقط سننقل أخبارهم كما هي ونستضيف أصحاب الشأن من محللين سياسيين ليقولوا ما يشأون سواء بالدفاع عنهم أو معارضتهم. * هل يمكن أن نقول: إن "العرب" قناة تعمل تحت قبة الإعلام السعودي؟ - قناتنا قناة لمالك سعودي وبرخصة بحرينية، ولا نعمل تحت قبة الإعلام السعودي، نعم ولاؤنا لبلدنا ونهتم بأخبار بلدنا ويهمنا أن نُظهر بلدنا بأفضل صورة ممكنة للمشاهد، وهذا شيء لا نختلف عليه. * لماذا اخترتم المنامة مقراً للقناة؟ عندما بدأنا بتأسيس القناة نظرنا لكل الاحتمالات الممكنة فزرنا مدينة الإعلام بمصر، وذهبنا إلى رأس الخيمة، كما قمت بزيارة مع الرئيس التنفيذي الأستاذ فهد السكيت وزملاء من القناة لدبي ودخلنا في مفاوضات، وأيضاً زرنا الدوحة والمنامة، ووضعنا جميع الاختيارات وتم اختيار المنامة لعدة أسباب منها وجود مميزات أكبر؛ منها قربها من السعودية بلدنا الأول ونحن عيننا على السوق السعودي، والأمر الآخر أن البحرين تريد أن تتوسع في هذا المجال، هذا إلى جانب وجود علاقة خاصة ومحبة بين جلالة ملك البحرين وسمو الأمير الوليد بن طلال وهذا اختصر الكثير من الأمور، كما أن رغبة الامير الوليد باختيار البحرين لإثبات أنها بلد أمان واستقرار وبيئة إعلامية جيدة، ولم نندم على اختيارنا للبحرين وقد فضلها الكثير من موظفي القناة من حيث ملاءمتها للحياة الأسرية. * كم ستكون نسبة المواد المحلية من مجمل بثكم اليومي؟ - من الصعب أن نحسبها بنسبة معينة لأن أخبار العالم العربي أكثر بكثير من الأخبار المحلية، ولسنا قناة محلية كما أن المشاهد السعودي يهتم ويتابع جيداً لكل الأخبار العربية والعالمية ويجب أن نوفر جميع الأخبار لكسب الكثير من المشاهدين على مستوى العالم العربي من المحيط إلى الخليج، ونريد أن يكون لنا حضور على المستوى العربي أيضاً فلدينا مراسلون ومكاتب في معظم الدول العربية. «من الرياض» برنامج يومي من تقديم غنام المريخي * وماذا عن البرامج التي تراهنون عليها؟ - لدينا برامج كثيرة، منها برنامج "مساء من الرياض" وسيبث يومياً من تقديم المذيع الأستاذ غنام المريخي، وبرنامج للأستاذة ليلى شيخلي وهي نشرة إخبارية عربية مفصلة ودقيقة، وبرامج أسبوعية فيها نفس تحليلي معلوماتي، كما أن لدينا حقوق النشر والبث لBloomberg المتخصصة في أخبار "المال والأعمال"، وأيضاً وجدنا اهتماماً من الشباب لأخبار التحولات في الصناعة العامة والمشاريع الناشئة لذلك سنعرض سلسلة أفلام متخصصة تسجيلية تحت عنوان "مغيرو اللعبة" تقوم فكرتها على الذين اخترعوا مشاريع غيرت طبيعة الأعمال والتجارة مثل مشاريع الفيس بوك وكريد لست كقاعدة للاعلانات المبوبة وغيرها، ونؤمن بأن الشباب السعودي متابع لمثل هذه المشاريع وسنقدمها له باللغة العربية لتعم الفائدة على أعلى نطاق. ومن البرامج الحوارية لدينا الآن برنامجان حواريان يعرضان بشكل أسبوعي، وقد نضيف لهما برنامجاً ثالثاً بعد شهرين من البث بقالب "التوك شو". * وما نصيب الأخبار الاقتصادية؟ - لدينا من خمس إلى ست ساعات يومياً أخبار اقتصادية مواكبة للسوق السعودي والخليجي، وتتابع كل ما يتعلق بالدخل الفردي للناس مثل كيفية شراء منزل أو التأمين أو اختيار نوع السيارة والوقت المناسب لذلك والمقارنة بين الدول في تقديم الخدمات العامة الأفضل للناس وكل ما يهم المسائل الأقرب لحياة الناس. لا يوجد «إعلام جديد».. بل وسائط إعلامية جديدة * وهل سنرى جمال خاشقجي في برنامج خاص؟ - أعتقد الآن لا.. وبرغم مطالبة الأخوة الزملاء في القناة إلا أني مازلت متردداً في ذلك والسبب "ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه"، فالعمل في إدارة قناة هو عمل يومي ومتعب ولكي أستطيع أن أقول شيئاً مفيداً في برنامج حواري يجب أن يكون لدي الوقت للتحضير والإعداد الجيد له وهذا سيكون على حساب العمل الإداري، ولا أستطيع أن أضحي بالقناة على حساب برنامج خاص بي.. لكن قد يكون ذلك مستقبلاً ولم اقفل الباب على ذلك، وربما أفعلها بعد إحالتي على التقاعد. * ختاماً وبناء على الجهد الذي بذلتموه كيف ترى القناة بعد سنة من الآن؟ أنا من طبيعتي لا أرضى بسرعة عما يقدم وأطلب المزيد والأفضل وسأسعى أن تكون قناة "العرب" رقم واحد وقبل الجميع فإذا لم أسع للأول فلن أصل للثاني أو الثالث.. وأتمنى خلال العام الأول أن تكون "العرب" ضمن أكثر وأفضل ثلاث قنوات إخبارية مشاهدة، وأحب أن أشكر جريدتكم وحرصها الدائم على الأسبقية في الوصول للخبر والمصداقية في الطرح.