أعلن حمادي الجبالي، رئيس الحكومة التونسي الأسبق، والأمين العام السابق لحركة "النهضة الإسلامية" التي حكمت تونس من نهاية 2011 وحتى مطلع 2014، "انسحابه" من حركة النهضة لأنه "لم يعد يجد نفسه في خياراتها". وأورد الجبالي (65 عاماً) في بيان نشره الخميس "بعد فترة تأمّل، قررت الانسحاب من تنظيم الحركة لأتفرّغ إلى مهمة أعتبرها مركزية، وهي الدفاع عن الحريات على طريق مواصلة الانتصار للقيم التي قامت من أجلها الثورة، وعلى رأسها احترام وإنفاذ دستور تونس الجديدة". وذكّر في البيان الذي نشره على صفحته الرسمية في فايسبوك بأنه انضم إلى حركة النهضة "مطلع السبعينات" من أجل "إنجاز مشروع حضاري" يهدف إلى "الانتقال" بتونس "من منظومة الاستبداد والفساد إلى بناء الدولة المدنية الديموقراطية". وقال الجبالي: "اليوم يواجه هذا المشروع تحديات جساماً وأخطار ردة داخلية وخارجية وضعت شعبنا وقياداته على المحك مجدداً وأمام امتحان: إما مواصلة النضال لإنجاز حلقات هذه الثورة السلمية على طريق صعب وطويل. وإما تخاذل واستسلام يفضي لا قدر الله إلى انتكاسة، والعودة بشعبنا إلى منظومة الاستبداد والفساد، ونتيجتها حتماً ضياع الأمل عند شبابنا خاصة. والالتجاء إلى حلول اليأس والعنف والتطرف والإرهاب". وأضاف: "قد آليت على نفسي أن أكون ضمن المناضلين المنتصرين لمنهج الثورة السلمي المتدرج (..) وهذا الموقف والموقع (..) أجد صعوبة بالغة في الوفاء به ضمن إطار تنظيم حركة النهضة اليوم". وقال إنه "لم يعد يجد نفسه في خيارات" حركة النهضة في المجالات "التنظيمية والتسييرية والسياسية والاستراتيجية". وحلّت حركة النهضة الثانية في الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 26 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وفاز فيها خصمها العلماني "نداء تونس" الذي أسسه الباجي قائد السبسي في 2012. ولا تستبعد الحركة تشكيل تحالف حكومي مع نداء تونس الذي يضم منتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي (2011/1987). ويجد مناضلو الحركة وأنصارها صعوبة في قبول هكذا تحالف، لأن بن علي قمع وسجن كثيراً من إسلاميي حركة "النهضة" وبينهم حمادي الجبالي الذي سُجِنَ نحو 16 سنة في عهد الرئيس المخلوع. وتولّى الجبالي رئاسة أول حكومة تونسية تم تشكيلها بعد انتخابات "المجلس الوطني التأسيسي" التي أجريت في 23 تشرين الاول (أكتوبر) 2011 وفازت فيها حركة النهضة. وفي شباط (فبراير) 2013، استقال الجبالي من رئاسة الحكومة إثر اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد. وجاءت الاستقالة بعد رفض حركة النهضة مبادرة من الجبالي بتشكيل حكومة غير متحزبة تُخرِج البلاد من ازمة سياسية حادة اندلعت إثر اغتيال شكري بلعيد. وفي 24 آذار (مارس) 2014 أعلن الجبالي استقالته من الأمانة العامة لحركة النهضة لأسباب لم يوضحها. وقد خلفه في هذا المنصب علي العريض.