×
محافظة المنطقة الشرقية

مصر: مقتل 11 صياداً في حادث تصادم بالبحر الأحمر

صورة الخبر

يعتبر عهد الملك جورج الثاني – الذي قاتل جنبا إلى جنب مع جنوده، في "معركة ديتينجين" في 1743 في ألمانيا ضد الفرنسيين -عصر الثورة الصناعية حيث تم إرساء أسس الثورة الصناعية والتي تمددت بشكل سريع ليشمل مستويات جديدة للإنتاج في صناعات مثل الفحم وبناء السفن، وأيضا في مجال الزراعة، مع زيادة سريعة في عدد سكان مملكته. فقد تمدد مملكته على غالبية أوروبا وامتدت انتصاراته خارجها بعد معارك عنيفة في اركوت (1751) وبلاسي (1757) في الهند، مما أخضع الهند والبنغال تحت السيطرة البريطانية، بل وامتدت انتصاراته لتُخضع محافظة كيبيك الفرنسية لسيطرته عام 1759 (جزء من حملة ناجحة نقلت كندا وتجارتها الغنية بالأسماك والفراء من السيطرة الفرنسية إلى حكم المملكة البريطانية).انتهت حياة الملك جورج الثاني بسبب فتق في بطنه عن عمر يناهز الستين خريفاً. خلق الله للإنسان وعاءً يحوي أمعاءه وكبده وكليتيه وأعضاءه التناسلية الداخلية وأسماه بطنا وجعل لهذا الوعاء غطاء مكونا من عضلات وألياف وجلد، ألا وهو جدار البطن والذي يعتبر جدار صد سميك كالقلعة بل الحصن المتين يحمي ما بداخله عما في خارجه. إلا أنه مع تقدم العمر ومع كثرة الضغط على جدار البطن يصاب هذا الحصن بالترهل والضعف خاصةً إذا لم يحافظ الإنسان عليه ليس كله عامةً وإن كان هذا وارداً بل في نقاط ضعف فيه عادةً. وهذا ما يسمى بالفتق أو بالبعج الذي إذا لم يعالج فإنه يسبب إزعاجا كبيرا في حياة المصاب به قد يصل به إلى أن يهدد حياته ويقضي عليها. فبطل قصتنا كان الملك البريطاني جورج الثاني الذي ألهته أمور الحكم عن أن يلتفت إلى صحته وهذه حالة الكثير من عظماء التاريخ. فقد كان يعاني من فتق في سرته وكان هذا الفتق يكبر يوما بعد يوم مع وجود ألم فيه. وذات ليلة بعد حفلة انتصار صاخبة أكثر فيها الملك من الأكل والشرب الى أن ثمل، ذهب بعدها لفراشه بعد أن أحس بالتعب. لم يستطع الملك جورج النوم تلك الليلة بسبب ألم سره. وبسبب تعبه الشديد وثمالته لم يستطع القيام من فراشه. وعند ساعات الفجر الأولى، اشتد الألم مما جعل الملك يئن ويصرخ من شدته. أقبل حارسه الخاص راكضا ليطلع على حاله فوجده يتلوى من الألم وقد شحب لونه وتفصد جبينه عرقاً. استدعى الحارس طبيب القصر الذي فحص بطن الملك مكان الألم، فوجده منتفخ البطن شديد الألم ومرتفع الحرارة. أخبر الطبيب الملك وأهله أن جزءا من أعمائه قد انحشر في فتق سرته لمدة طويلة قطعت الدم عنها وأدت إلى أن تصاب بالغرغرينا وأن وفاة الملك قادمة لامحالة. لم تكن مهنة الجراحة مزدهرة بين الأوروبيين ذلك الوقت وإنما الكهانة والسحر والدجل على الرغم من النهضة الصناعية المطردة ذاك الوقت، ولو أن الوقت كان ليسعفهم لاستدعوا أحد الأطباء الجراحين العرب المسلمين الذي كان بينهم وبين نظرائهم الأوروبيين بونا شاسعا في هذا العلم. كان الفتق مرضا فاتكا يودي بحياة كثير من مرضاه إلى أن تطور علم التشريح والجراحة على أيدي أطباء الأندلس وقيام أبو الجراحة خلف بن عباس الزهراوي ومن بعده ابن النفيس -رحمهم الله جميعاً على درس التشريح؛ لأنه ضروري للجراحة وبتطوير هذا العلم واختراع الخيوط الجراحية التي كانت تصنع من الحرير والتي أسهمت في إصلاح الفتوق بجميع أنواعها. لم يقم الأطباء الأوروبيين بممارسة العمل الجراحي بل كانوا يفضلون تأجيله دائما حتى آخر لحظة ممكنة، وذلك عندما يصبح مكان المرض خراجاً كبيراً جدا ولافتاً فعلاً للانتباه. بل جنح بعضهم لعدم التدخل بتاتاً وترك الأمر يتطور الى أن يصبح خراجا كبيراً، ينفجر تلقائياً ويخرج الصديد والقيح بشكل عفوي أو أن يسمحوا للمريض أن يموت موتة "سلمية"، دون تعريضه إلى إزعاج الجراحة كما فعل طبيب القصر مع جورج الثاني. بعد ان اخترع الزهراوي الخيوط الجراحية. زاول المسلمون إصلاح الفتق الإربي والسري بسبع مئة عام قبل أن ينتبه الجراحون الأوروبيون لهذا الفن العربي الإسلامي العريق. فقاموا بتطويره بل وشغفوا بهذا العلم عامةً وجراحة الفتق خاصةً، لدرجة أن قام من الدكتور إيدوارد شولديسي بإنشاء مركز فتق شولديسي هو أحد مستشفيات ثورن هيل، أونتاريو، كندا. يتكون المبني من جناحين، جناح جنوبي إداري يبدو كقصر أثري وجناح في الجهة الشمالية، مصمم كمستشفى مريحة مختصة لتلبية احتياجات مرضى الفتاق. تبلغ مساحة المركز 23 دونما (9.3 هكتارات) وهو منشأة خضراء، تعمل أنظمة التبريد والتدفئة بواسطة الطاقة الشمسية. يشتهر المركز بالتخصص في عمليات الفتق البطني الخارجية. يستخدم شولديسي أنسجة طبيعية، ويخيطها بطريقة لا يوجد معها شد أو ضغط كبير على بقية عضلات وأنسجة البطن، تقنية طورها الدكتور إدوارد إيرل شولديسي خلال الحرب العالمية الثانية. قام الدكتور شولديسي بتعليم هذه التقنية لعشرة جراحين قام بتوظيفهم لديه على أن يتفرغوا للعمل في مركزه حصرياً والذين يقومون بعمل أكثر من 7500 عملية سنوياً إلى يومنا هذا. استمر الجراحون بإصلاح فتق جدار البطن عن طريق الخيوط الجراحية المختلفة حتى عام 1958. نشر الدكتور آشر في تلك السنة مقالا يتحدث فيه عن أسلوب جديد ومختلف عن أسلافه وهو إصلاح الفتق بالشبكة الصناعية المصنوعة من مادة البولي البرولين. لم يلقَ هذا العمل قبولا خاصة وأن طريقة شولديسي كانت منتشرة ومشتهرة بشكل كبير بين جراحي العالم مما لم يدع لطريقة الدكتور آشر أي سبيل أن تلقى أي اهتمام أو رعاية من قبل الجراحين. بقي الوضع على ما هو عليه لثلاثين عاما أخرى الى أن قام الدكتور ليشتنشتاين باستخدام الشبكة على ألف مريض ثم قام بنشر نتائجه في إحدى مجلات الجراحة العلمية. مما أدى الى انتشار هذه العملية بشكل واسع عالمياً. ففي الوقت الحالي، يتم استخدام نحو مليون شبكة في مثل هذه العمليات سنويا. قام الاتحاد الأوروبي للتجارب العلمية المحكمة بمراجعة أكثر 58 من بحث وورقة علمية خلص فيه الى أن تقنية استخدام الشبكة كانت متفوقة على غيرها من التقنيات. وعلى وجه الخصوص، لاحظوا أن ألم ما بعد العملية وأن رجوع الفتق أقل مع استخدام الشبكة. والرغم من أن هذه النتائج ليست مقبولة من قبل جميع الجراحين، الا أنه من الممكن القول إن تقنية استخدام الشبكة قد هيمنت واستبدلت بشكل تام تقريبا عملية إصلاح الفتق بالخياطة في العالم الصناعي المتقدم واستثنى من ذلك مستشفى شولديسي الكندي. ويبقى السؤال هل هذا المرض شائع وهل لازم له من إصلاح جراحي وهل من الممكن علاجه بغير ذلك وهل الشبكة هي الخيار الوحيد؟!! كل هذه الأسئلة لنا معها حوار وفي المستقبل مقال.. الى الملتقى في مقال آخر إن شاء الله.