سـمعتُ بَعضهم يُـردّد مُصطلح "الرّويبـضة"، فوجدتُ من خلال بـَحثي في الشبكة العنكبوتية، أنه جاء في معرض حديثٍ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عن سنوات تأتي في آخر الزّمان، ذكَر فيه "الرّويبضة"، ومعناه: "الرجل التـّافه (الفويسق) يتكلم في أمر العامة". وقيل عن معنى الرويبضة في آخر الزمان: "الرجل الرّابض في بيتـه، الذي قعد عن معالـي الأمور وعجَز عن طلبـِها"، وهو السّـفيه المـُتشدِّق المـُتـَفيْـهِق. وقد جاء ذِكْر "الرّويبضة" في معرِض حديثٍ شريفٍ عن سـنين تسبق ظـهور الدجّال، حين يُكَـذَّب الصادق، ويُصَـدَّق الكاذب، ويُـخَوّن فيها الأمين، ويُـؤتَمنُ فيها الخائن، و"يتكلّم الرّويبضة"، في إشارة إلى أن الرّويبضة وصفٌ ذميم، وشخصٌ قبيح، يُبتَـلى به الناسُ في آخر الزمان، كتقدمةٍ لغيرهِ من ابتلاءاتٍ عظيمة، وسنينَ تكـثُر فيها فِـتَن، الله بأمـرها أعلم. وقد أبدى بعض الناس آراءهم في الرّويبضة ووصفوا الوقت الحاضر بـأيام الرّويبضة، لارتفاع أسافل النـّاس على خَيارهم، وتـحدّثهم باسـمهم، وظهورهم عليهم، على ما فيهم من تفاهةٍ وقلّـة إدراك وسوء تدبـير، ورأى بعضهم أن الرّويبضة من "يتصدّر للفُـتيا بغير عِلْم"، وادّعى آخرون على غيرهم أنـّهم رويبضة، لمـجرد قولِـهم بـخلاف ما يقـولون، كما استغـلّ بعضهم هذا الوصف، فأطلقوه على بعض خصومهم، في محاولة لذرّ الـرّماد في عُيونـهم، وفضّ النـّاس عنهم. ومع اختلال كثيرٍ من القِـيَم، واضطراب كثير من السلـوكيات، وضيـاع الأمانة، وانقلاب المـوازين، وكثرة الوصوليـّين والمتسلّـقين، وإحباط أكثر المُبدعين وأصحاب الفكر، وانتشار القنوات الإعلامية بغـثّها وسمينها، ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير مسبوق، وبـخاصة تلك التي سلّطت الأضواء على الجاهِل والعالِـم، والوضيع والعزيز، يتراشق في خضمّ ذلك كلّه كثير من الناس بهذا الوصف، ويتـبرِّع بعضهم بإضفـائِه على من لا يروق لـهم من الرجال والنّـساء لتشويه صورهم لمجرّد اختلاف وجهات نظرهم، واستغلال هذا الوصف القبيح بدليل من السنة المطهّرة في الإساءة إليهم، ووصمهم بمصطلح جاهز لا يحتاج إلى تفسير، ففي لفظهِ فظاظة، وفي النُّـطق به تقريع، يكفي لتسديد ضربة قوية للخصم تُحاول كسر ما لديه من أدوات النقاش والإقناع، دون حاجة إلى مقارعته الحُجّـة بالحُجّـة، أو الرد عليه بمنطق وعقلانية وذوق، لكن يبقى الوصف فضفاضا، والسؤال مطروحًا: هل هذا زمن الرويبضة، ومن هو حقا رويبضة هذا الزمن ؟!. abkrayem@gmail.com