أعلنت منظمة التجارة العالمية أمس، أن حكما نهائيا حول شكوى أمريكية تتهم دولا أعضاء في الاتحاد الأوروبي "بعدم الامتثال" لحكم سابق للمنظمة يدينها بتقديم معونات لشركة "إيرباص" لصناعة الطائرات، لا يمكن أن يُنجز قبل أواخر عام 2015. وهذا ثاني إرجاء للنطق في الحكم. وقالت هيئة تسوية المنازعات: إن "حجم النزاع وتعقيداته"، يبرران التأخير، في حين قال مختصون في المنظمة لـ"الاقتصادية": إن الشكوى ضمت 800 صفحة من الحجج، ومئات من أوراق الملاحق، ومثل هذا العدد الضخم من الأوراق لا بد أن يثير مئات الأسئلة تدفع القضاة لرفع عديد من رسائل الاستفسار. وبموجب لوائح منظمة التجارة، فإن هيئات التحكيم ملزمة بتقديم تقاريرها النهائية في غضون 90 يوما من تناولها ملف النزاع، ما لم تطلب تأجيلا. وكان من المقرر أن تعلن الهيئة حكمها النهائي في عام 2013 قبل أن تدفعه إلى النصف الثاني من العام الحالي في تأجيل أول، وحتى نهاية العام المقبل في تأجيل ثان. وفي عام 2011، أصدرت هيئة تسوية المنازعات حكما قالت فيه: إن فرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، وبريطانيا، قدموا معونات غير مسموح بها إلى شركة "إيرباص" على شكل حزمة قروض بمعدلات متدنية من الفوائد لا يمكن للشركة الأوروبية لصناعة الطائرات الحصول على مثلها من السوق، إلى جانب تقديمها دعما مهما في مجال تقوية البنية التحتية للشركة. وقضى الحكم أن المعونات سببت أضرارا خطيرة لشركة "بوينج"، المنافس الرئيس لـ "إيرباص"، على شكل خسارة مبيعات في أوروبا، وأستراليا، والصين، وكوريا الجنوبية. ومنح الحكم الاتحاد الأوروبي مهلة ستة أشهر، أو حتى الأول من كانون الأول (ديسمبر) 2011، "إما لسحب معوناته، أو تأمين إزالة الآثار العكسية التي سبَّبتها المعونات". وفي عام 2012، طلبت الولايات المتحدة من منظمة التجارة تأسيس ما يعرف باسم "هيئة امتثال"، متهمة الاتحاد الأوروبي بإخفاقه في الإذعان إلى حكم عام 2011. وقال الاتحاد الأوروبي أمام "هيئة الامتثال" أمس، في آخر جلسة تعقدها الهيئة خلال العام الحالي، إنه أعاد دفع 2.3 مليار دولار إلى الحكومات المعنية، وهي قيمة حزمة القروض التي تلقاها، وأنه يعالج حاليا موضوع المعونات التي قدمت له على شكل مساهمات في رأس المال، والدعم في البنية التحتية. لكن المندوب الأمريكي قال أمام الهيئة: إن الجزء الأكبر من حزمة مساعدات القروض المكرسة لطائرة "إيرباص أي 380" (أكبر طائرة تنتجها الشركة الأوروبية) ما زالت في مكانها، وأن الزخم الذي أخذته أسهم الشركة جراء الدعم الحكومي لم يتم وضعه في حساب إزالة الآثار العكسية التي سببتها المعونات. واتهم الاتحاد الأوروبي منحه حزمة قروض جديدة بفوائد تفضيلية إلى طائرتها من نوع "A350-XWB"، منافس طائرة "بوينج 787"، الشهيرة باسم "دريم لاينر Dreamliner". ورد الممثل الأوروبي أن طائرة "A350-XWB" هي خارج نطاق حكم المنظمة في هذه القضية، وقال إنه لم تكن هناك مساعدات للطائرة عندما بدأت هيئة تسوية المنازعات النظر في القضية عام 2005. وإذا كانت الولايات المتحدة مشتكية في هذه القضية، فهي في وضع المشتكى عليه في قضية أخرى. إذ يتهم الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة بـ "عدم الامتثال" لحكم أصدرته المنظمة عام 2012 بوقف مساعداتها لشركة بوينج. وتتهم الشكوى الأوروبية وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ووزارة الدفاع مواصلتهما تقديم معونات لـ "بوينج" بأشكال مختلفة، بعضها مبطن كدعم الأبحاث، وإعفاءات ضريبية، وتقديم منح من وزارة الدفاع بحجة تعويض عن "تنفيذ طلبات عاجلة"، وتقديم معدات وأجهزة وتقنيات. وإصدار كل من ولايتي واشنطن وكانساس سندات دعم لـ "بوينج" بضمان من ميزانيتيهما. كما تتهم الشكوى الأوروبية ولاية كارولاينا الجنوبية ببناء مصنع لشركة بوينج قرب مطار جارلستون لتصنيع أبدان طائرة بوينج الجديدة 787 (دريم لاينر). وفي أيار (مايو) الماضي، أعلنت هيئة تسوية المنازعات أن حكمها عما إذا كانت الولايات المتحدة قد امتثلت لحكم المنظمة عام 2012 لا يمكن أن يصدر قبل منتصف العام المقبل 2015.