اهتمّت قيادات المملكة العربية السعودية بالصحافة وشؤونها منذ وقت مبكّر، مُدرِكةً أن الصحافة المسؤولة والملتزمة بالخط الوطني إنّما هي إحدى الأذرع القوية للتنمية، متى ما كان انحيازها للوطن، وهمومه وشجونه، وانصرفتْ للنقدِ البنّاء، لتكون دليل القيادة إلى مواقع الضعف توطئةً لمعالجتها، ولسان حال المواطن الذي يُريد أن يرى موطنه في الموقع الذي يستحقه. ولا نزال نحتفظ بالذاكرة تلك الخطوة المتقدّمة التي أخذها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز.. رئيس مجلس الوزراء آنذاك (ملك البلاد لاحقًا) -رحمه الله- في 11/4/1378هـ حينما عقد مؤتمرًا صحفيًّا في مدينة الطائف، ودعا إليه جميع أصحاب الصحف، وعرض عليهم فكرة إدماج بعض الصحف مع بعضها لتصدر في كل مدينة جريدة يومية قوية، بعدما تنبّه إلى ضعف مستوى صحافة الأفراد، وقصورها عن ملاحقة الأحداث. هذه الخطوة هي التي أسستْ فيما بعد لصحافة المؤسسات، وأفصحتْ عن حرص الدولة على قيام صحافة قوية ومسؤولة، تُحرّك الراكد، وتفتح كل أبواب الحوار، وتصنع المشاركة في الرؤى والتطلّعات. كما لا نزال نحتفظ اليوم لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع عنايته الفائقة بالصحافة، ومتابعته الحثيثة لكل ما تطرحه، واستحق وصف (صديق الصحافيين)، وكان مبادرًا للدخول في حوارات مطوّلة معهم، وعبر الصحافة ذاتها، ممّا يكشف عن اهتمام قياداتنا بأهل الرأي والفكر، وأيضًا اهتمامهم بتطوير الصحافة، واعتبارها شريكًا مركزيًّا لا غنى عنه في صناعة التنمية الوطنية. واليوم، وفي أوج استعداداتنا في دار (اليوم للإعلام) للاحتفال بيوبيلها الذهبي بمناسبة مرور 50 عامًا على قيام هذه الدار، أجد نفسي أمام شاهد جديد لتلك الرعاية الخاصة والنموذجية التي تحظى بها الصحافة الوطنية بمختلف أشكالها وأدواتها من قيادات الوطن ومسؤوليه، وممّن يحتفون بالصحافة ويقدّرونها، إنه الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية. فعندما وجّهنا الدعوة لسموّه لتشريفنا برعاية سموه الكريم لهذه المناسبة، وكان الموعد المضروب سلفًا يتعارض مع بعض مواعيد وبرامج والتزامات سموّه، وبما يرفع عنه الحرج تمامًا، فيما لو رغب أو فكر في الاعتذار، وتكليف مَن ينوب عنه، إلاّ أنه تمنّى علينا، وبكثير من اللطف أن نؤجّل الموعد إلى موعد آخر يتلاءم مع ظروفه العملية، ليتمكّن من رعاية هذه المناسبة (شخصيًّا). طبعًا هذا يعكس حرص الأمير سعود الشديد على حضور المناسبة، ورغبته الأكيدة في أن يكون في مقدمة المحتفلين، إيمانًا من سموه الكريم بأهمية دعم الصحافة والعاملين فيها، وشدّ أزرهم، للاستمرار بأداء رسالتهم المهنية بأقصى ما يُمكن أن يكون من الاحترافية والمصداقية، وبما يُوفر لها وللعاملين فيها كل الظروف والمناخات التي تساعدها على نيل رضا قرائها وثقتهم، ثم لإيمانه بأن مناسبةً كهذه لا يجب أن تقتصر على أصحاب الدار والمنتمين إليها، بقدر ما يلزم أن يُنظر إليها كمناسبةٍ وطنيةٍ تعني الجميع. وهكذا تظل صحافتنا -وبعد أن تمّ رفع سقف هامش حرية الطرح في ظل عهد ورعاية والد الجميع، وقائد نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله، وحكومته الرشيدة- تظل في طليعة الصحافة العربية مصداقيةً والتزامًا، وهي التي حظيتْ على الدوام -ومنذ عهد الملك المؤسس طيب الله ثراه- بمثل هذا الدعم الكبير من قمم هرم السلطة، وساهمتْ -ولا تزال- في أداء رسالتها الوطنية على بياض الورق الناصع، وبمنتهى الشفافية دون الحاجة لاستخدام الشعارات، أو الإثارة الغوغائية المجوّفة، لتُصبح مناسباتها احتفاليات وطنية تُضاف إلى قائمة مشروعات التنمية، كما هو حال (دار اليوم) في احتفاليتها الكبيرة بيوبيلها الذهبي، والذي نعدّه احتفالاً لكل مؤسساتنا الصحفية العريقة، ومسيرتها المظفرة. * رئيس مجلس إدارة دار اليوم للإعلام