أضاعوني وأي فتى أضاعوا ماجد الصاعدي تعتبر اللغة هي وسيلة التواصل بين الشعوب والتعارف بينهم. فباللغة نستطيع التعبير عن ما في دواخلنا من شعور؛ فنصيغها في قالب لفظي جميل نُفهم بها من حولنا. تطورت اللغة في عدة مراحل فكانت عبارة عن رموز واشارات، ثم تواصل بالصوت وبعدها بالكتابة، ثم انقسمت الى عدة لغات وتفرع من اللغات لغات، ومنها ما اندثر وبعضها رسخ رسوخ الجبال. يعتز الجميع بلغته ويفاخر بها. ففي احدى المحاضرات قص علينا المحاضر قصة شهد أحداثها ونقلها لنا ليخبرنا عن أهمية الاعتزاز باللغة فقال: كنت في فرنسا للدراسة وصعدت الباص كعادتي للذهاب للجامعة وصعد الباص شخص امريكي الجنسية فسأل امرأتين أمامي- قد بلغا من العمر عتيا - عن مكان ما باللغة الإنجليزية فأجابتاه بعدم معرفتهما بما يقول. وعند نزوله من الباص تحدثت إحداهن للأخرى قائلة: أنا أعرف المكان الذي يريد وفهمت حديثه ولكني لم أجبه لأنه لم يسال باللغة الفرنسية. تعد اللغة اليوم نوعا من القوة ففرضت البلدان المستعمرة على مستعمراتها لغتها ولنا في المغرب العربي مثال. بل وحتى اليوم ومع انتهاء حقبات الاستعمار الا انه يوجد استعمار ثقافي للبدان النامية والفقيرة فتفرض الدول الغنية مساعدتها المالية والاغاثية والصحية بشرط التمكين الثقافي وهو في رأيي السم الزعاف الذي تسكبه في كأس هذه الدول مما يجعلها نامية الى ان تقوم الساعة. من خلال خبرتي البسيطة في الحاسب الالي ،عند تثبيتي لبعض البرامج الالكترونية أجد من ضمن اللغات المتاحة لغات أهل الارض الا العربية!. والعجيب في الامر أغلب هذه البرامج - التي تجاهلت اللغة العربية بقصد أو بدون قصد - تجد اللغة العبرية التي لا يتحدث بها سوى تسعة ملاين شخص كأعلى تقدير حاضرة؛ بينما تغيب اللغة العربية والمصيبة ان المتحدثين بها تجاوز الاربعمائة مليون شخص. الحقيقة التي لابد ان نقولها أن أهل العبرية تمسكوا بها وقاتلوا من اجل بقائها وقد نجحوا، على النقيض تماماً أهل العربية فقد فرطوا فيها بل وأصبحوا يفاخرون بقولهم تشاو و هاي و باي. ليس عيبا أن تتحدث لغة أو لغتين بجانب اللغة الأم ولكن العيب أن نعق الام. اخشى ما أخشى ان نجد العربية يوما ما تنشد قول الشاعر: أضاعوني وأي فتى اضاعوا.